د. فهد بن سعد الماجد
أنتم أبناؤنا.. وأنتم طلائعنا: لكم قضية، ولكم هدف، لم تخرجوا أشراً ولا بطراً، ولا رياءً ولا سمعةً، دعاكم وليُّ الأمر فلبيتم نداءه، تنصرون أخاً استبيحت دياره، تقاتلون عدواً يريد الإضرار بمكة المكرمة والمدينة المنورة، مقدسات المسلمين وقبلتهم، وقد صرَّحوا بذلك في عنجهية مفرطة، وصفاقة أدالت عليهم.
أنتم أبناؤنا.. وأنتم طلائعنا: اختاركم الله لأشرف مهمة، تدافعون عن الحرمين الشريفين أن يصيبه ضرر أو خطر، وتنقذون اليمن الشقيق، ذلك القطر السعيد، من فئة باغية منحرفة طارئة على التاريخ، ككثير من فئات البغي والانحراف التي رزئ بها التاريخ الإسلامي في فترات مختلفة، بدأت بالخوارج إلى الحوثيين والقاعدة وغيرهما من جماعات الفوضى والخراب والإرهاب التي بُلي بها المسلمون في عصرهم هذا.
ووالله يميناً برة لا حنث فيها ولا تأول، لو تمكن الحوثيون في اليمن وملكوا قراره، لكانت هذه الجماعة خراباً على اليمن، وخنجراً في خاصرة بلاد الحرمين الشريفين بل والعالم الإسلامي أجمع، لأن لها مشروعاً يصاغ في غير اليمن، ويشرف عليه غير اليمنيين، ويراد له أن يكون نسخة من حزب شيطاني مقيت يقتل الأطفال والنساء في سوريا الآن.
أنتم أبناؤنا.. وأنتم طلائعنا: ترابطون على الثغور في حدود الوطن وتباشرون مهمات قتالية لإنقاذ اليمن، وكل ذلك وبفتوى العلماء الكبار جهاد شرعي بار مبرور، وحلقة متصلة ببدر وأحد والخندق والقادسية إلى غير ذلك من المعارك الإسلامية المصيرية، وفي جهادكم كلُّ شيء تؤجرون علية، إن جعتم فلكم أجر، وإن طعمتم فلكم أجر، وإن سهرتم فلكم أجر، وإن نمتم فلكم أجر، وإن مشيتم فلكم أجر، وإن ركبتم فلكم أجر، وإن استشهدتم فلكم الفوز، وأنتم بين إحدى الحسنيين، إما نصر وإما شهادة قال تعالى: {وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}.
وليس عليكم بعد هذا، إلا أن تخلصوا النية لله تعالى، وتصلحوا العمل، فاحتسبوا الأجر في كل ما تقومون به، فو الله يميناً برّة لا حنث فيها ولا تأول، إن جهادكم لمشروع، وإن قتالكم لمبرور، فثقوا بالله تعالى واعتصموا به، وتوكلوا عليه، وتمثلوا قول الله تعالى: {وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.
أنتم أبناؤنا.. وأنتم طلائعنا: أحييتم في قلوبنا عزة، وأيقظتم في نفوسنا نخوة، أجل عزة الإيمان ونخوة الحق، والعزة ليست كلمة تملأ الأفواه، فيقتنصها الكماة، ولكنها قول يصدقه عمل، أو أفعال تغني عن الأقوال.
أنتم الشعار والناس دثار، والشعار الثوب الذي يلي الجسد مباشرة والدثار الثوب الذي هو فوق الشعار، وما مثلنا ومثلكم إلا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: «يا معشر الأنصار، أنتم الشعار، والناس الدثار، فلا أوتينَّ من قبلكم».
فأنتم الصميم، وفي الصميم، تدافعون عن حرمات هذا الدين، وتنوبون عن المسلمين في فريضة إسلامية عظيمة، شرف وأي شرف من كتب اسمه في صحائفها.
أنتم أبناؤنا.. وأنتم طلائعنا: لتكن الثقة بالله وحده لا بقوتنا ولا بكثرتنا، فإنه سبحانه نصر نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه ببدر وهم قلة، ويوم حنين كان قصة أخرى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ* ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا}.
فليكن الافتقار الكامل إلى الله، والتوكل الكامل على الله، إذ المفتقر إلى الله أغنى الخلق، والمتوكل على الله أقواهم.
أنتم أبناؤنا.. وأنتم طلائعنا: بيضتم وجوهاً، وأقررتم عيوناً، وسررتم نفوساً، فواصلوا باسم الله وعلى بركة الله المسير طاعةً لله وطاعةً لرسوله وإمام المسلمين، وقولوا لسلمان بن عبد العزيز: إنا لنسبق وما نتخلف عن أمرك وما نكره أن تلقى بنا عدواً، إنا لصُبُر في الحرب صُدُق عند اللقاء، ولعلَّ الله يريك منا ما تقرّ به عينك، فسر على بركة الله.
حفظكم الله وأيدكم، وجعل النصر حليفكم، والتوفيق رايتكم، حتى تدفعوا عن وجه الأمة المكاره، وتحموا ظهرها من المكائد.