محمد بن حمد البشيت
بادئ ذي بدء حاولت السعودية وشقيقاتها دول الخليج معالجة الشأن اليماني بكل الطرق الدبلوماسية لتفادي ما يحدث اليوم باليمن.. وطرحت مبادرتها الخليجية الكفيلة بانتشال اليمن من مغبة الحرب الطائفية. وجمعت المبادرة الخليجية كل الفرقاء حول طاولة الحوار مع كل الأطياف اليمنية، وتم توقيع الجميع على المبادرة. لكن الحوثي كان يضمر غير ما يظهر فما يضمره هو تخريب المبادرة الخليجية ومن ثم الانقلاب على شرعية الدولة اليمنية بإيعاز إيراني وبتحالف مع عدو علي صالح، باحتلال صنعاء وتكملة السيناريو ليكون اليمن دولة حوثية خاضعة للولي الفقيه في قم الفارسية.
السعودية ودول الخليج. كانت ترقب الحدث بحذر. وقرأه كل مستجد على الساحة اليمنية بمتابعة دقيقة.. وحينما أدركت الخطر يدق أبواب الخليج عمدت لإرسال رسائل علنية للحوثي بضبط النفس والتراجع عمّا تم الأقدام عليه من العبث بوحدة الدولة الشرعية اليمنية.. أعلنت ذلك مرارا وتكرارا لكنها لم تجد الأذن الصاغية من قبل الانقلاب الحوثي، بل زاد طغيان تجاوزت ميليشيات الحوثي الشيء الذي لا يقره العقل والدين الذي يجرم أعمال القتل والنهب والسرقة وحرق ممتلكات الدولة، وتجاوز كل القوانين والأعراف الدولية بمهاجمة القصر الجمهوري وإخضاع الرئيس منصور عبد ربه للإقامة الجبرية لحين هروبه لعدن مع أعضاء حكومته لممارسة أعمال الدولة اليمنية من عدن العاصمة الاقتصادية لليمن. ولم يكتف الحوثي بهروبه لعدن بل ملاحقته في محاولة لقتله.. مما جعل الرئيس اليمني بعد محاصرته بعدن يستنجد بالسعودية ودول الخليج لإنقاذ اليمن من الحوثي الغادر في انقلابه على شرعية الدولة اليمنية.
فكان القرار السعودي الحكيم والمفاجئ للعالم اجمع قرار - عاصفة الحزم - السريع الذي اربك طهران وحوثيها وعلي صالح ببدء تأديب الحوثي لانقلابه على شرعية الدولة اليمنية، وتماديه بالتحرش بحدود السعودية وقتله جنود الوطن.
عاصفة الحزم. أذهلت العالم بسرعة تكوينها وتحديد انطلاقها بكل دقة في ضرباتها لمواقع السلاح الحوثي وتدمير مخازن سلاحه وتدمير جيش صالح وحرسه الجمهوري.. مما جعل صالح يوفد ابنه احمد على وجه السرعة لطلب وقف القصف الجوي مقابل ان ينقلب على الحوثي شرط الإفراج عن أمواله وضمان عدم ملاحقته قانونيا. السعودية رفضت الطلب جملة وتفصيلا مما جعله يتجه بجيشه لاحتلال عدن نكاية برفض طلبه لكن قوات التحالف عاصفة الحزم تصدت وما زالت تتصدى لقطع الطريق عليه.
فالحوثي الإيراني وصالح البهلواني كلاهما في مأزق لا يستطيعان الخروج منه، فالسماء والبحر تسيطر عليهما عاصفة الحزم وليس لهم منفذ للهرب منه. لذلك ليس أمامهم غير المقاومة المتهالكة التي يسودها بعض الانشقاقات والهروب من مركبة الحوثي وصالح الموشكة على الغرق.. وهذا ما شعر به صالح ليطلب إيقاف القصف الجوي. ودخول إيران على نفس المنوال لتدفع بروسيا لمجلس الأمن الدولي لطلب هدنة باليمن، وتم إفشال طلبها لأنه لا يستند الى مبررات إِنسانية وملزمة للحوثي وصالح. فيا للعجب العجاب من روسيا وطلبها المثير للجدل. وهي بسلاحها وإيران يقتلون الشعب السوري.. إيران بدورها تضغط على - مسقط - لأجل التوسط لدى السعودية لإيقاف القصف الجوي وعرض الحوار مع الرياض.
عاصفة الحزم.. طوقت عنق الحوثي الإيراني وصالح البهلواني بالصد والممانعة حتى يخضع الجميع لشروط السعودية والحلفاء لجلبهم لطاولة الحوار.. والذي سبق ان دعا إليه الملك سلمان حينما قال من قبل إن أبواب الرياض مفتوحة لكل الفرقاء للحوار. لكن الحوثي وصالح لازالا في حالة كر وفر. أو هي الخديعة التي جبلا عليها. مثلما هي مقاصد إيران الخمينية الخبيثة.. ناهيك عن تصاريح أعوان خامنئي.. وقد قال علي شيرازاي مستشار خامنئي. قبل بضعة أيَّام (إن جماعة الحوثي باليمن هي نسخة مشابهة من حزب الله في طهران).
السعودية تدرك جيدا المقاصد الإيرانية بتوظيفها للمذهب الشيعي خدمة لمصالحها الاستراتيجية.. تستخدم الشيعة كأداة تنفيذ، رغم أنها لا تثق بالشيعة العرب. لكنها ستلفظهم فيما بعد نهاية مآربها الخبيثة في إشعال الفتنة بينهم وبين السنة في الوطن العربي.
ولعل - صبحي الطفيلي ، كان صادقا حينما قال. إن إيران تخضع الشيعة ومذهب التشيع لأهدافها الجيوسياسية فترتكب خطرا على الشيعة والتشيع مستقبلا.
الرئيس البهلوان المخلوع صالح.. يرقص على حبل الغدر والخيانة تارة مع الشيعة وأخرى مع القاعدة، والاثنتان هما لعبته القديمة الجديدة في ابتزاز أموال طائلة من دول الخليج وغيرها قيل عنها ستون مليار وهي المجمدة التي أعطيت للدولة اليمنية لتطوير اليمن، ووضعها لحسابه الخاص وهي ما تم الاحتفاظ بها بقرار أممي. وقد جن جنونه ليعرض على السعودية الإفراج عنها مقابل الانقلاب على الحوثي.
عاصفة الحزم. تلقت الدعم المعنوي واللوجستي من دول كثيرة ماعدا مسقط، العراق، لبنان، سوريا والجزائر، بينما سائر الدول أقرت ما أقدمت عليه عاصفة الحزم بالدفاع عن اليمن وحماية للمملكة العربية السعودية من التمدد الإيراني. وماضية بعزمها وحزمها لنهاية الشوط المفضي لهزيمة الحوثي وإخضاعه للحوار. فالحرب على الحوثي ليست طائفية كما تروج إيران وأذنابها بالمنطقة.
إيران توهم شعبها والرأي العام بأنها كسبت جولة المحادثات الأخيرة مع أمريكا والغرب حيال مفاعلها النووي. والحقيقة هي تأخيره لعشر سنوات والتقليل من تخصيب اليورانيوم وتصديره للخارج. الاتفاق الأمريكي الغربي لا يزال غامضا ومؤطرا بالكتمان. وإيران تعرف ذلك جيدا ولكنها تكابر أمام الرأي العام العالمي. حتى إنه لم يتم الإفراج عن أرصدتها المجمدة وخزينها خالية نتيجة الصرف بجنون على طموحها الفارسي في محاولة إحياء إمبراطوريتها الفارسية المزعومة.