حميد بن عوض العنزي
** في عالم منغمس بالماديات بشكل مرعب لم تعد السلع وحدها التي تباع وتشترى، إنما امتد هذا السعار المادي إلى كل شيء، حتى البعد الإنساني بات أمراً غير منزه عن البيع بأبخس الأثمان، وصارت محل استغلال فظيع في ساحات المساجد وأمام البوابات وعلى أرصفة الطرقات.. رخصت كل الإنسانيات أمام الماديات، وأصبحت العاهات البدنية والنفسية محل متاجرة من عديمي الإنسانية الذين لديهم استعداد أن يحولوا كل ما هو قريب منهم إلى سلعة، ويستغلوه بأبشع صورة.
** أحدهم يتسول أمام باب المسجد وهو يحمل شاباً معاقاً إعاقة كاملة، ويحمله بطريقة فجة، وكأنه يحمل حقيبة أو جماداً. اقترب منه أحد المصلين، وسأله عن صلة قرابته بعد أن لاحظ الجميع أن طريقة حمل المعاق لا يمكن أن تكون من شخص يمت له بصلة، أو بقلبه ذرة رحمة، فتلعثم بعد أن حاول الإقناع بأنه شقيقه، ثم اعترف بأنه ليس شقيقه.
** والأفظع من هذه الصورة ما يذكر من قصص حول قيام مجرمين في بعض الدول بتشويه أطفال بقطع أطرافهم ثم تهريبهم في مواسم الحج؛ ليستدروا عطف الناس بهدف الكسب المادي. ويكبر هذا الطفل الضحية وهو يعيش طوال عمره كأحد أدوات هؤلاء المجرمين في التسول. مثل هذه الصور اللاإنسانية تبيِّن لنا حجم التغير الذي يعيشه الإنسان في ظل عالم يفتقد الكثير من القيم والأخلاق حتى أصبح أسيراً للماديات التي يلهث وراء جمعها دون أن يستمتع بها طوال عمره؛ لأنه جُبل على الشقاء والحرمان بسبب ما يقترف من جرائم بحق أبرياء.