يوسف المحيميد
أكثر ما يحز في النفس، في حالة الحروب، أن الأيام تجبُّ ما قبلها، فينسى أو يتناسى الأيام التي تسبق الحروب، والأيام الأولى فيها، ومن ثم النظر في نتائجها، أو إلى ما آلت إليه من تداعيات، فعلى سبيل المثال، تباكى مؤيدو صدام عام 1990 على بغداد، ولعنوا أمريكا والحرب التي شنتها على الجيش العراقي، متجاهلين أسبابها، واحتلال صدام الكويت، وفشل جميع الوساطات الدولية لكي يخرج منها بسلام، ودون حرب، ولكنه عاند حتى تم إخراجه بالقوة!
هذه الأيام، وفي قنوات الردح السياسي الرخيص، نعيش حالة مشابهة، فمن يُدعى محللون سياسيون، يسمون ما يحدث في اليمن عدواناً سعودياً، وليس مناصرة للشرعية فيها، ومساندة الشعب اليمني الشقيق الذين يتعرض للاعتداء، وتتعرض مدنه للاحتلال بقوة الطائرات والدبابات، من قبل ميليشيات انقلابية، ولعل الجميع، بما فيها تلك القنوات الراقصة، شهدت على الدور الدبلوماسي الذي قامت به المملكة ودول الخليج ومصر وغيرها، من محاولات مستمرة ومستميتة لعقد حوار بين اليمنيين كلهم، منذ احتلال القصر الرئاسي في صنعاء وقصفه بالطائرات من قبل الحوثيين، والمخلوع صالح، في العشرين من يناير الماضي، ثم احتجاز الرئيس هادي، قبل هربه إلى عدن، ثم ملاحقته من قبل الإنقلابيين والميليشيات حتى مشارف عدن، وعلى مدى أكثر من شهرين شهدت المنطقة حراكاً دبلوماسياً غير مسبوق، من دول الخليج، وبالذات المملكة، وذلك بمناشدة الحوثيين والمخلوع صالح، بالعودة إلى لغة العقل والحوار، ولكن دون فائدة، فتحولت لهجة المناشدات والدعوة إلى حوار في الرياض والدوحة، إلى تحذيرات من ملاحقة الرئيس هادي إلى عدن، ومن الاقتراب من عدن واحتلالها، ولكن لم نكن نسمع طوال هذين الشهرين سوى التغني بإيران، والتبجح بسقوط العاصمة العربية الرابعة، بعد بيروت وبغداد ودمشق في قبضة إيران!
إذن، لماذا أصبحت مناصرة اليمنيين، وإنقاذهم من الميليشيات والانقلابيين، إلى عدوان؟ لماذا يقلب هؤلاء المسميات دون ذرة حياء، وبلا موضوعية؟ هل كان هؤلاء ينتظرون من المملكة ودول الخليج الانتظار حتى سقوط العاصمة الخامسة من دول الخليج لا سمح الله؟ خاصة وهذه الميليشيات تقوم بمناورات على الحدود مع المملكة، وبالأسلحة الثقيلة؟ بأسلوب همجي واستعلائي، مع يقينهم بأن هذه دولنا إنما هي دول رفاهية وكسل وخوف لا تستطيع حماية ترابها!
ما يثير الضحك، أن ضيوف قنوات الردح السياسي، مازالوا يروجون بأن هذه الطائرات الحربية التي تقصف المواقع العسكرية التابعة للحوثيين وصالح، إنما يقودها طيارون غير سعوديين، فمشكلة هؤلاء الذين أعماهم الحقد والكره للمملكة منذ عقود، أنهم لم يستوعبوا التقدم العسكري والنمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي الذي تشهده دول الخليج كافة، وخاصة المملكة، وسيبقون كذلك حتى لو أصبحنا قادة العالم!