بين يديَّ مجموعة من التقارير عن (عاصفة الحزم) تحمل مضامين كثيرة من الآراء المتباينة، كلٌّ يتحدث بما يمثله موقفه ورأيه وتوجهه منها، بعض منها لا يقول الحقيقة، ولا يتحدث عن الواقع، ولا ينقل للجمهور ما يجري في المعركة بشكل واقعي وصحيح، معتقداً أنه بهذا التضليل سوف يخفي الحقيقة، ويغيِّب الواقع، أو لعله أراد أن يخفف من هول الصدمة، وحجم الخسارة، ورفع المعنويات المنهارة لدى الطرف المهزوم.
***
في كل الأحوال، فإن الصورة المباشرة والمتحركة والناطقة التي تنقل لنا سير المعارك أولاً بأول لا تترك قيمة لمن يفتئت على الحقيقة، أو يَدُسَّ على الواقع، أو يعتقد أن بإمكانه أن يكذب على الجمهور فيصدقوه، بينما ثورة الاتصالات لم تترك فسحة له ليقول ويُصدق من الآخرين بما لا يتفق مع الواقع.
***
هناك تقارير أخرى جميلة يتطابق مضمونها مع حقيقة ما يجري على الأرض وفي الجو، بأقلام يحترمُ مُعِدُّوها بردود فعل ممن يقرؤها، وهذا ما كنا نتمناه في كل وسائل الإعلام، وممن يتحدثون أو يكتبون عن قضايا يشاهدها العالم لحظة بلحظة بشكل مباشر، ودون تدخل فني من أي أحد ممن يضع خياراته في نقل المشهد وفقاً لعواطفه وانحيازه إلى هذا الطرف دون ذاك، أو بخلاف ما تتحدث عنه نتائج الحرب.
***
لحسن الحظ، أن التقنية المتطورة خدمت الحقيقة، وكشفت الزيف، ووضعت العالم أمام ما كان يمكن أن يغيّب عنه، لو أن وسائل الاتصالات ليست بهذا التطور الهائل، وهذا ما يلخص لنا احترام الجمهور وثقته بما يقوله المتحدث الرسمي للتحالف من وصف شامل ودقيق للمستجدات في أرض معركة (عاصفة الحزم)، سواء ما تقوم به قوات التحالف في استهدافها لمصادر القوة لدى ميليشيا علي صالح وعبد الملك الحوثي، أو عن التنظيم الذي بدأ يتطور لمعارضي الانقلابيين من القوى الشعبية اليمنية، باتجاه تنامي قدرتهم واستعدادهم لحماية عدن من ميليشيا الانقلابيين لاحتلالها.
***
لقد كشفت (عاصفة الحزم) عوار بعض المؤيدين للانقلاب في اليمن والإعلام الرخيص التابع لهم، من خلال استسلام ميليشيات الحوثيين وعلي عبد الله صالح لضربات طلعات التحالف الجوي دون أدنى مقاومة، وهو ما يخالف ما ينقله الإعلام المؤيد للانقلاب على الشرعية من معلومات، كما أن تدخل إيران بمناشدات ودموع يذرفها مسؤولوها لإيقاف عاصفة الحزم، وصولاً إلى البدء في مباحثات تصالحية بين رافضي الانقلاب ومؤيديه، وكأن إيران بذلك تقول كفى بعد أن شُلَّت قوات الحوثيين والرئيس المخلوع، ومنعتها (عاصفة الحزم) من التدخل لإنقاذهم مثلما تفعل في سوريا والعراق، وهو الأمر الذي يجعل ما تقوله دكاكين الإعلام والأبواق المأجورة التي تعمل فيها أوراقاً ساقطة تذروها الرياح إلى الأماكن التي تستحقها وتليق بها.
***
أجل.. إن (عاصفة الحزم) لا تسجل انتصاراتها في الميدان على الخارجين على القانون، المتورطين بتنفيذ إملاءات إيران، أولئك النفر من اليمنيين الذين أبوا واستكبروا وظلموا وكانت (عاصفة الحزم) لهم بالمرصاد، وإنما هي بانتصاراتها تحمي اليمن من التمزق والضياع والفوضى بتدخل هذه القوة الضاربة من قِبل دول التحالف لمنع انزلاق اليمن إلى الردى، منحازة في ذلك إلى الشعب اليمني ليكون سيد نفسه، وصاحب قراره، والمؤتمن على مصالح بلاده، الرافض لما دبّر في ليل بالانقلاب على الشرعية، واختطاف اليمن، ومن ثم تحويله إلى سوريا أخرى أو عراق آخر.