فضل بن سعد البوعينين
لم يكن قرار مجلس الأمن رقم 2140 الصادر في فبراير العام 2014 كافياً لعزل علي عبدالله صالح والحوثيين عن مصادر تمويلهم الرئيسة، المتمثلة في الحسابات المصرفية المتضخمة بعشرات المليارات. عدم شمولية القرار، واستبعاده أهم أدوات اللعبة الانقلابية في اليمن، المتمثلة في عبد الملك الحوثي زعيم حركة «أنصار الله» وأحمد علي عبد الله صالح، أعطى الانقلابيين فرصة أكبر لمواصلة مخططاتهم التوسعية، والتمدد الممنهج داخل اليمن، وفرض الأمر الواقع على الأرض. خروج عبدالملك الحوثي ونجل الرئيس المخلوع «أحمد علي صالح» من قائمة العقوبات الأممية الأولى سمح لهما بالتصرف بحرية تامة داخل اليمن وخارجها، إضافة إلى تمكنهما الاستثنائي من تحريك أرصدتهما المالية والسحب منها لتمويل مشروعهما الانقلابي، وشراء الأسلحة والذمم، ودفع مرتبات الجيش التي كانت سبباً في استمرار ولائهم المطلق لـ»صالح» والحوثيين.
المال والسلاح كانا مصدر قوة للانقلابيين في اليمن، وساعدا على استمرار الأزمة، وتطوُّرها؛ وبالتالي تكريس الانقلاب على الشرعية، وتهديد الدول المجاورة؛ وهو ما دفع السعودية ودول الخليج للعمل من أجل استدراك القصور في قرار مجلس الأمن الأول.
فرض القرار رقم 2216 عقوبات أممية تحت بند الفصل السابع على عبد الملك الحوثي وأحمد علي عبد الله صالح، منها تجميد أرصدتهما البنكية، ومنعهما من السفر، إضافة إلى حظر توريد الأسلحة للحوثيين وصالح، والسماح بتفتيش الشحنات كافة المتجهة لليمن، ودعم الشرعية والجهود الدبلوماسية الخليجية؛ ما شكَّل نصراً للدبلوماسية السعودية والخليجية موازياً لنصرهم في عاصفة الحزم التي أحبطت مؤامرة إيران الكبرى في اليمن. يمكن استشعار أهمية القرار الأممي وقوة تأثيره على المتآمرين من خلال ردود أفعال النظام الإيراني وقنواته الفضائية، وخطابات زعيم حزب الله «حسن نصر الله»، إضافة إلى خطاب عبدالملك الحوثي الأخير. تزامُن صدور القرار مع تدمير قوات التحالف لـ80 % من الأهداف العسكرية المستهدَفَة أحدث هزة عنيفة للنظام الإيراني وأعوانه وماكينته الدعائية التي اتخذت من لبنان مركزاً لها.
أجزم أن انهيار المشروع الإيراني الحوثي أحدث صدمة غير متوقعة لمحور الشر في المنطقة، وأصابهم بالجنون. قطع يد إيران عسكرياً ودبلوماسياً في اليمن يعني بداية انهيار المشروع الصفوي في المنطقة العربية. وأحسب أن هزيمتها القادمة ستكون في سوريا ثم العراق. توسيع القرار الجديد قائمة العقوبات الدولية الخاصة باليمن، وبخاصة تجميد أرصدة عبد الملك الحوثي زعيم حركة «أنصار الله» وأحمد علي عبد الله صالح، التي يعتمد عليها الانقلابيون لضمان ولاءات الجيش وقادة المجتمع وبعض القبائل، سيسهم في تجفيف أهم مصادر التمويل المتاحة لهما؛ لذا لا أستبعد تحول الولاءات قريباً، وانضمام ألوية الجيش تدريجياً لدعم الشرعية بعد أن كانوا سبباً في سيطرة الحوثيين وتمددهم.
تجميد أرصدة الانقلابيين يجب أن يتبعه تفويض أممي باستغلال تلك الأموال المجمدة لدعم الجهود الإغاثية وإعادة إعمار اليمن. الأرصدة المالية المجمدة جزءٌ رئيس من حقوق اليمن المنهوبة، والشعب أولى بها من الآخرين. بقاء تلك الأموال المجمدة في المصارف العالمية والخليجية، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب اليمني الفقر والجوع والعوز، لا يحقق مجمل الأهداف المرجوة من عملية التجميد.
نناشد دول الخليج السعي من أجل الحصول على تفويض دولي باستثمار الأموال المجمدة في عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار تحت إشراف الأمم المتحدة. استثمار الأموال المنهوبة في إعادة الإعمار سيحقق العدالة، وسيحرم البنوك المتواطئة مالياً مع الرئيس المخلوع والحوثيين وإيران من الاستفادة منها خلال فترة التجميد الطويلة، وسيوجد تشريعاً دولياً جديداً يضمن عودة الأموال المنهوبة للشعب بدلاً من ارتهانها للبنوك والدول الحاضنة لها.