د.ثريا العريض
ذكرت في حوارنا السابق أن دول الخليج عدا خطر السعي للتوسع الإيراني إقليميا تواجه عددا من التحديات أولها السكانية وثانيها الاقتصادية. اليوم نستكمل النظر في التحديات الأخرى:
3 - على الجبهة الأمنية يستمر التحدي للمحافظة على الأمن والاستقرار في مواجهة تأدلج فئات متنوعة من السكان، خاصة فئة الشباب والمتعلمين باتجاه الغلو والتمذهب والتسيس، ما يهدد الاستقرار، ويساهم في هذا التوجه السلبي تصاعد الصراعات والتصدع في الجوار، حيث تبدو دول الخليج الآن محاطة بمناطق الصراعات المتأججة، شمالا في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وجنوبا في اليمن. وتواجه استنزاف مواردها في الحرب ضد الإرهاب، ودعم اقتصادات الدول الصديقة ليس بصورة استثمار بل فقط لتثبيت الاستقرار سياسيا. وتواجه شرقا الأطماع الإيرانية وتنامي قدراتها العسكرية هجوميا، وتتوجس من استكمال بناء المفاعلات النووية. ومع تغير سوق النفط وزيادة العرض من النفط الصخري وتقلص الطلب على نفط الخليج، وتزايد التقارب الإيراني، وتواجه دول الخليج احتمال تغير مواقف أمريكا والغرب من حمايتها.
4 - على الجبهة الثقافية تواجه المنطقة الخليجية، ضمن المحيط العربي الأوسع، بقايا التأثير الفكري للممارسات والأعراف والقيم الموروثة، خاصة التصنيفية المتسمة بالعنصرية والتمييز. كما تواجه النخر في القيم العامة بسبب تأثيرات مرحلة الطفرة المادية في الثمانينيات، مثل تنامي نزعات الاتكالية وضعف المبادرة الفردية، واعتياد ما جلبته ملايين العمالة الأجنبية من ممارسات سلبية وحتى إجرامية. وكذلك تأثيرات الصحوة في التسعينيات، ومنها تقبل عقلية السرب والببغائية، والميل المنحرف إلى الغلو والإقصائية حد العدائية والتكفير والتأجيج المذهبي.
ويبقى التحدي المهم والمصيري أمام دول الخليج في الأوضاع القائمة في أنها تواجه عدم الاتفاق بين دول مجلس التعاون على موقف موحد مما سبق ذكره من القضايا والتحديات.
هكذا نرى أن هناك 10 تحديات؛ خمسة تخصنا داخليا وخمسة تمس علاقاتنا الخارجية.
1 - استدامة النمو الاقتصادي.
2 - استدامة توجه التنمية (خدمة المواطن، المشاريع، الفرص).
3 - الحفاظ على الأمن الداخلي.
4 - توطيد العلاقات البينية.
5 - ترشيد الأوضاع السكانية.
6 - التعامل مع مستجدات الأوضاع الإقليمية.
7 - التعامل مع مستجدات الأوضاع العالمية.
8 - التفاعل بفعالية مع متغيرات الاقتصاد العالمي.
9 - الحفاظ على الأمن الخارجي.
و10 - الاحتفاظ بتميزات المكتسبات التنموية والثقافية التي تحققت حتى الآن، وبعضها بتفاصيل خصوصية مختلفة. مثلا السعودية لاحتوائها على الحرمين يزورها سنويا ملايين الحجاج، ولكنها تجد لكبر مساحتها صعوبة في التعامل مع حدة الولاءات المناطقية والانتماءات القبائلية. وكذلك دبي يزورها الملايين سنويا بين المتسوقين والمستثمرين والمستفيدين من التسهيلات، وبينما تتميز بالانضباط في تطبيق القانون والالتزام به، لكنها قد تجد قلة المواطنين إلى الوافدين مشكلة قابلة للتأجج مستقبليا نظرا لأن تسارع ضم الفئة الوافدة إلى السكان لا يسمح بالوقت المطلوب للانصهار في المجتمع الأصلي وإنما قد يؤدي إلى تكتل الأقليات.