د.عبدالرحيم محمود جاموس
مثّلت القضية الفلسطينية القضية الأولى للعرب والمسلمين على مدى سنوات القرن الماضي وما زالت في القرن الحالي تحتل درجة عالية الأهمية، لما تمثله تجاه العالم العربي والإسلامي من نواحٍ روحية ومادية وإستراتيجية عديدة.
والمملكة العربية السعودية بما لها من موقع الريادة في عالمنا العربي والإسلامي، أدركت واجباتها نحو القضية الفلسطينية منذ بداياتها الأولى، وواكبتها في مراحلها كافة متفاعلة مع تداعياتها بأشكال وأساليب مختلفة لم تتوقف في يوم من الأيام عند التأييد المعنوي أو اللفظي، بل تعدته إلى مستويات عملية أكثر تقدمًا في التجاوب مع ضرورات القضية والدفاع عنها في مراحلها كافة سياسيًا ودبلوماسيًا على المستوى الرسمي والشعبي، فكان التفاعل الشعبي في دعم القضية الفلسطينية دائمًا يمثل أحد تجليات الدعم السعودي للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
وعندما نتحدث عن الدعم الشعبي يحضر إلى صدارة هذا المشهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله- على رأس حملات التبرعات وعلى رأس اللجان الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني ودوره - حفظه الله- ودور هذه اللجان في خدمة القضية الفلسطينية، التي يتضح من خلالها وبلغة الأرقام ومن خلال مشروعاتها حجم هذا التفاعل الشعبي الذي كان وما زال يقف على رأسه الملك سلمان بن عبد العزيز الذي مثل قناة مهمة من قنوات الدعم السعودي المتعددة رسميًا وشعبيًا للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة.
قبل ثلاثة عقود ونيف، وفدت إلى المملكة العربية السعودية قادمًا من الصفوف الجامعية طالبًا ثم أستاذًا مساعدًا في كليات الحقوق، وحيث اقتضت ضرورات الكفاح الفلسطيني أن أكون ضمن بعثة منظمة التحرير الفلسطينية بالرياض، وبعد فترة وجيزة، عهد إلى إدارة مكتب اللجنة الشعبية الرئيس بالرياض في 01 - 01 - 1407هـ حيث صدر القرار الكريم من الملك سلمان وهو أمير منطقة الرياض حينها بتعيني مديرًا عامًا لمكتب اللجنة الرئيس بالرياض ولمكاتبها المنتشرة بالمملكة، فكان لزامًا على أن أبحث وأدرس أرشيف اللجنة الشعبية ومختلف الوثائق والقرارات المنظمة لعملها، لأطلع على تأسيسها ونشأتها وتكوينها والقرارات والمراسيم المنظمة لعملها وآليات عملها وأنشطتها المختلفة، وأهدافها الخيرية التي أنشئت من أجلها، فوجدت أن اللجنة الشعبية قد تأسست إثر العدوان الصهيوني على البلاد العربية في 05 - حزيران - 1967م الذي بموجبه احتل الكيان الصهيوني ما تبقى من الأرض الفلسطينية الممثل في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى سيناء وهضبة الجولان، فكان توجيه المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز آنذاك بالقيام بحملة تبرعات شعبية لدعم الشعب الفلسطيني والمتضررين من الاحتلال والنازحين بسبب العدوان الصهيوني من فلسطين إلى الأردن، وعهد مقامه السامي إلى أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز - آنذاك - بالإشراف على حملة التبرعات تلك، ولكن وبعد أسابيع قليلة ظهر للأمير الحكيم الشاب سلمان بن عبد العزيز أن المسألة أبعد من أن تكون مجرد حملة تبرعات لمعالجة حدث طارئ.
إنها القضية الفلسطينية وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في وجه العدوان الصهيوني الجاثم والمستمر على أرض فلسطين، وأن الواجب الإنساني والديني والوطني يحتم أن تكون المساعدة للشعب الفلسطيني وأسر شهدائه وأسراه ومحتاجيه تقتضي مواصلة هذا الدعم واستمراره، حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من مواصلة الصمود، وهذا يقتضي أن يؤطر العمل الخيري من أجل فلسطين وشعبها وأن يأخذ الشكل الدائم والمستمر والمتواصل طالما أن القضية الفلسطينية قائمة ومستمرة، فصدرت التوجيهات السامية من المغفور له الملك فيصل بتكليفه - حفظه الله- بتشكيل اللجنة الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني، وعهد إليه تشكيل مجلس إدارة يعينه في تحقيق أهدافها الخيرية ومن ثم تأسيس جهاز إداري من المكاتب اللازمة لتقوم بتنفيذ مهام اللجنة على خير وجه، التي بدأت بمكتب الرياض ثم تبعه مكتبي جدة والدمام، وانتشرت المكاتب في فترة وجيزة لتغطي ثلاث عشرة مدينة رئيسة من مدن المملكة من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها، تقوم جميعها بتلقي التبرعات الشعبية من المواطنين والمقيمين الفلسطينيين وأشقائهم العرب.
وعمل الملك سلمان -حفظه الله- على توفير الإطار القانوني والمؤسسي بالتنسيق مع أمراء المناطق ووزارة الداخلية وكافة الجهات المختصة، كي تؤدي اللجنة الشعبية ومكاتبها المهمة المنوطة بها، وقد وقفت على كل هذه التفاصيل والتوجيهات الكريمة كي استطيع أن أقوم بالمهمة المسندة لي كمدير عام لهذه المكاتب بالإضافة إلى مهمتي كمدير عام للمكتب الرئيس بالرياض تحت إشراف وتوجيه ورعاية ورئاسة سموه الكريم المباشرة، حينها عرفت حجم المسؤولية الملقاة على عاتقي وزملائي في مكاتب اللجنة الشعبية، في تسيير هذه المكاتب على أفضل وجه ممكن يحقق رغبة سموه الكريم ورغبة القيادة السعودية في تحقيق الغرض التي أنشئت وأسست هذه اللجنة ومكاتبها لأجله.
كان الملك سلمان -حفظه الله- يتابع كل صغيرة وكبيرة من خلال التقارير الشهرية التي ترفع إليه شهريًا عن إيراداتها وحسن سير العمل بها وهو يومئذ أميرًا لمنطقة الرياض.
وهنا أن تعمل مع شخصية مثل شخصية الملك سلمان، هي شرف كبير ومسؤولية كبرى، وتزداد أهمية قصوى عندما تكون في خدمة أقدس قضية عربية وإسلامية وهي قضية فلسطين قضية العرب والمسلمين الأولى قضية القدس أولى القبلتين وما تمثله من قيمة روحية ومادية في عقيدتنا الإسلامية السمحة، واستشهد هنا بقوله - حفظه الله- ((أن القدس جزء من العقيدة والعقيدة لا تقبل المساومة)) ومن هنا يأتي ثقل المسؤولية في العمل من أجل القدس وفلسطين وشعبها، فالقضية الفلسطينية تحتل مكانتها اللائقة لدى القيادة السعودية الحكيمة والشعب السعودي الكريم منذ بداياتها الأولى على عهد المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله- وأبناؤه الملوك من بعده إلى هذا اليوم في عهد الملك الراشد والحكيم سلمان بن عبد العزيز، فلم يخفت بريقها ولم تتراجع أهميتها بل هي دائمًا تتصدر اهتمامات المملكة وقياداتها وشعبها الكريم، وبناءً على ذلك فقد افتتح الحساب الرئيس والدائم للجنة الشعبية لدى البنك الأهلي التجاري منذ تاريخ 03 - رمضان - 1387هـ لإيداع ما يرد من تبرعات المواطنين والمقيمين الفلسطينيين بأمر من مقامه الكريم ومتابعة مباشرة منه - حفظه الله-.
وقد وجه -حفظه الله- منذ النشأة والتأسيس لهذه اللجنة بالقيام بعدد من المشروعات وحملات التبرعات التي نعرض لبعضها:
مشروعات وأنشطة اللجان الشعبية:
من أهـــم المشروعات والأنشطة التي وجه بها - حفظه الله- وسعت اللجان الشعبية لإيجادها كمصادر دخل مستمر وثابت التي تتمثل في:
أولاً: مشروع ريال فلسطين:
لقد أقرت اللجنة الشعبية مشروع ريال فلســطين في جلستها المنعقدة بتاريخ 1 - 3 - 1388 هـ الموافق 26 - 6 - 1968 م، تحت شعار ((ادفع ريالاً تنقذ عربيًا)) بناء على توجيهه الكريم الذي كان ردًا عربيًا عمليًا حضاريًا وسياسيًا على الشعار الذي كانت ترفعه آنذاك المنظمات الصهيونية الناشطة في جمع التبرعات للكيان الصهيوني في بلاد الغرب، الذي يقول ((ادفع دولارًا تقتل عربيًا))، بالإضافة لهذا البعد الحضاري والإنساني والسياسي الذي تضمنه شعار اللجنة ((ادفع ريالاً تنقذ عربيًا)) شكل هذا الشعار مشروعًا مهمًا من المشروعات والأنشطة التي أقرتها اللجنة الشعبية لزيادة إيراداتها فقد تمت الكتابة من قبل رئيس اللجنة إلى الجهات العديدة الرسمية والشعبية حول هذا المشروع، وقد أبدت جميع الجهات الرسمية والشعبية تجاوبًا كبيرًا مع هذا الشعار الحضاري والإنساني ومع هذا المشروع الذي يهدف إلى توفير دعم مستمر وثابت للشعب الفلسطيني من خلال ما سيحققه هذا المشروع من عائد وإيراد مهم لإيرادات اللجان الشعبية، ومن أجل وضع هذا الشعار موضع التنفيذ فقد تم طبع إيصالات من فئة ريال واحد وخمسة ريالات وعشر ريالات، وقامت اللجنة الشعبية بتوزيعها على مدارس البنين ومدارس البنات وقد لاقت كل تشجيع وإقبال من الطلاب والطالبات.
ولم يقتصر توزيع كوبونات مشروع ريال فلسطين على قطاع المدارس بل امتد إلى المحال التجارية والإدارات الحكومية وغيرها من القطاعات فأسهمت من خلاله قطاعات اجتماعية واسعة بالتبرع لدعم الشعب الفلسطيني من خلال هذا المشروع.
ثانيًا: مشروع سجل الشرف:
ومن المشروعات المهمة التي قامت بها اللجنة الشعبية بهدف زيادة حجم الإيرادات والتبرعات الشعبية هذا المشروع - سجل الشرف - الذي يلتزم من خلاله الأفراد والتجار والشركات والمؤسسات بتقديم تبرعات شهرية أو سنوية منتظمة لحساب اللجنة الشعبية، وقد لاقى هذا المشروع تجاوبًا لا بأس به مما مكن من أن يوفر مصدرًا جيدًا من مصادر التبرعات الشعبية، وقد التزم من خلال هذا المشروع عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء وفي مقدمتهم الملك فهد بن عبد العزيز - حفظه الله- حيث كان وزيرًا للداخلية آنذاك، والأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران والملك سلمان بن عبدالعزيز وهو يومئذ أميرًا لمنطقة الرياض والأمير سطام بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض، وعدد كبير من الشخصيات والفعاليات الثقافية والإدارية والتجارية، وكذلك عدد كبير من الشركات، وكما التزمت من خلاله الغرفة التجارية في الرياض بالاكتتاب بنسبة 10 في المائة من قيمة اشتراكات الأعضاء.
ثالثًا: مشروع التزام الفلسطينيين نسبة 5 في المائة:
عندما أنشئت اللجان الشعبية لمساعدة أسر مجاهدي وشهداء فلسطين تداعى أبناء الجالية الفلسطينية في مختلف مناطق المملكة وخصوصًا في منطقة الرياض، وجدة، والدمام، واتفقوا فيما بينهم على أن يلتزموا بالتبرع بنسبة 5 في المائة من مرتباتهم ودخولهم إلى اللجنة الشعبية دعمًا منهم لجهاد شعبهم ومقاومته للاحتلال الصهيوني، وقد نظموا العرائض التي حملت توقيعات فعاليات الجالية الفلسطينية التي شملت فئة الأطباء والصيادلة، والمهندسين والمعلمين ورجال الأعمال، والعمال، والمتعاقدين الحكوميين على اختلاف وظائفهم ومهنهم، فتبنت اللجنة الشعبية لمساعدة مجاهدي فلسطين هذه الرغبة الصادقة من أبناء الجالية الفلسطينية.
وعلى ضوء ذلك فقد رفع الملك سلمان بن عبد العزيز (أمير منطقة الرياض حينها) ورئيس اللجنة الشعبية آنذاك خطابًا بهذا الشأن بتاريخ 12 - 9 - 1387 هـ الموافق 13 - 12 - 1967 م إلى وزير الداخلية، مشفوعًا بالعرائض المنوه عنها من الوجهاء والفعاليات الفلسطينية بالمملكة ملتمسًا الموافقة على تحقيق رغبتهم باقتطاع نســـبة 5 في المائة خمسة بالمائة من رواتب عموم الفلسطينيين الشهرية سواء الذين يعملون في القطاعات الحكوميـــــة أو القطاعات الخاصة.
ونتيجة للمخاطبات التي جرت بهذا الشأن بين أمير منطقة الرياض ورئيس اللجنة الشعبية ومقام وزارة الداخلية، فقد أقرت وزارة الداخلية هذه الرغبة واعتمد هذا المشروع - مشروع نسبة 5 في المائة - وأصبح يمثل موردًا أساسيًا ودائمًا للجنة الشعبية.
رابعًا: مشروع الـ1 في المائة:
بعد أن التزم العاملون الفلسطينيون في المملكة بالتبرع بنسبة 5 في المائة من رواتبهم الشهرية، اقترحت اللجنة أن يتم فتح باب الاكتتاب للإخوة الموظفين السعوديين وغيرهم بالتبرع بنسبة 1 في المائة من رواتبهم لصالح رعاية أسر مجاهديه وشهداء فلسطين، وبناء على هذا الاقتراح فقد وجه رئيس اللجنة خطابًا مفتوحًا برقم 22 - 1 - 3159 وتاريخ 16 - 8 - 1389 هـ الموافق 27 - 10 - 1969م يدعو فيه الإخوة السعوديين للاكتتاب لصالح رعاية أسر مجاهدي وشهداء فلسطين بنسبة 1 في المائة من رواتبهم، وقد لاقت هذه الدعوة قبولاً كبيرًا بين أوساط الموظفين في الدوائر الحكومية واستجابة رائعة.
خامسًا: مشروعات الفتاوى الشرعية:
نظرًا لكون الدين محركًا أساسيًا لمجتمعاتنا العربية والإسلامية، وخصوصًــا في المملكة العربية السعودية فقد اقترحت اللجنة الشعبية أن تصدر الفتوى عن مراجع الإفتاء في المملكة بجواز دفع شيء من الزكاة لدعم رعاية أسر مجاهدي وشهداء فلسطين، حيث إن المسلمين عليهم واجب الزكاة سنويًا فهذا سوف يدفع المزكين إلى توجيه شيء من زكاة أموالهم لحساب دعم اللجنة الشعبية ويوفر لها موردًا ثابتًا من الزكاة الشرعية، فصدرت الفتوى عن كل من سماحة مفتي المملكة آنذاك المرحوم الشيخ محمد بن إبراهيم، ومن بعده عن سماحة الشـيخ المرحوم عبد العزيز بن باز في رمضان - 1388 هـ ديسمبر - 1968م، بجواز دفع الزكاة إلى اللجان الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني.
سادسًا: مشروعات حـملات التبرعـات:
إن التوجيهات السامية التي أنشئت على أساسها اللجان الشعبية، والتعاميم الإدارية المنظمة لعملها تؤكد أنها لجان دائمة ويعني هذا أن الباب مفتوح بشكل مستمر دائم لاستقبال التبرعات الشعبية من المواطنين والمقيمين في المملكة على السواء.
وبالرغم من ذلك دأبت اللجنة الشعبية برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى تنظيم حملات تبرعات خاصة بتكليف من المقام السامي عند حدوث تطورات وأحداث جسام تتعلق بالشعب الفلسطيني وقضيته.
فعلى سبيل المثال حملة التبرعات الشعبية التي انطلقت بتوجيهات من جلالة المغفور له الملك فيصل بعد نكسة حزيران 1967 م التي تم الإشارة إليها قد تمكنت من جمع مبلغ أكثر من ستة عشر مليون ريال في حينه، كما وجه خادم الحرمين الشريفين بإطلاق حملة تبرعات شعبية إثر الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان صيف 1982 م التي أشرفت عليها اللجنة الشعبية وكانت حصيلتها أكثر من مائة وثمانية ملايين ريال.
وكذلك حملة الانتفاضة الأولى التي وجه بها الملك فهد بن عبد العزيز التي قامت بتنظيمها والإشراف عليها اللجان الشعبية برئاسة الملك سلمان حيث وجه في حينه نداءً مؤثرًا في بداية انطلاقتها بتاريخ 30 - 5 - 1408 هـ الموافق 19 - 1 - 1987م.
جاء فيه ((… لكل ذلك ندعو جميع إخواننا المواطنين والمقيمين في هذا البلد الأمين أن يسارعوا للمساهمة في دعم وعون جهاد شعب فلسـطين وهو يخوض ثورته الشعبية العارمة ضد قوات الاحتلال الصهيوني بما تجود به النفوس الكريمة من تبرعات سخية نقدية أو عينية وذلك من خلال مكاتب اللجان الشعبية أو يتم إيداع هذه التبرعات لدى حساباتها في البنوك.. أو تقديمها لأصحاب السمو الملكي أمراء المناطق)).
وفي 8 - 11 - 1408 هـ الموافق 22 - 6 - 1988م وجه سمو رئيس اللجنة نداءً ثانيًا يدعو فيه إلى مواصلة التبرع لدعم الانتفاضة الباسلة كما أصدر سموه عددًا من الإجراءات والتوجيهات التي من شأنها مواصلة حملة التبرعات لدعم الانتفاضة الشعبية في فلسطين وزيادة إيرادات اللجنة بشكل عام استنادًا إلى خطة العمل بهذا الشأن والمقرة من اللجنة الشعبية في اجتماعاتها يوم 4 - 11 - 1408 هـ الموافق 18 - 6 - 1988م برئاسة سموه.
وقد بلغت حصيلة حملة التبرعات الشعبية لدعـــم الانتفاضة الأولى سنة 1408هـ - 1988 م أكثر من مائة وستين مليون ريال.
وإننا إِذ عرضنا لجانب مهم من جوانب الدعم العربي السعودي، وهذا الدعم الشعبي الذي كان على رأسه دائمًا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بصفته رئيسًا للجنة الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني وهو يمثل قناة من قنوات الدعم المتعددة التي دأبت المملكة وقيادتها الحكيمة، على توفيرها للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وكما كان يردد الملك سلمان بن عبد العزيز في كافة المناسبات التي يرعاها سموه وخصوصًا الاحتفالات بانطلاقة الثورة الفلسطينية، أن المملكة العربية السعودية لم تتخذ يومًا من الأيام موقفًا مؤيدًا وداعمًا للقضية الفلسطينية من أجل أن يأتيها الشكر والتثمين من أي كان على هذه المواقف المبدئية لأن القضية بالنسبة للمملكة ليست مجرد قضية دولية عابرة وإنما هي بالفعل قضيتها الأساسية والمركزية ولذا ستبقى مواقف المملكة المسؤولة تجاه القضية الفلسطينية معبرة بحق عن مواقف الأمة العربية ومصوبة ومقومة لما يجب أن تكون عليه الرؤيا العربية تجاه فلسطين الشعب والقضية، وأنها تأتي في سياق رؤية سعودية إستراتيجية راسخة وليست سياسة عابرة لذر الرماد في العيون، هكذا تقرأ مواقف الممكلة العربية السعودية بقيادة المليك المفدى سلمان بن عبد العزيز الذي هو امتداد لوالده المؤسس وأخوانه من قبله في الالتزام بقضية فلسطين والدفاع عن شعبها، التي عبر عنها - حفظه الله- دائمًا منذ أيام شبابه الأولى تعبيرًا واضحًا وموضوعيًا في شتى المواقف والمناسبات.
وقد قلد الرئيس ياسر عرفات للملك سلمان وسام نجمة القدس تقديرًا لجهوده الاستثنائية الخاصة في دعم الشعب الفلسطيني وذلك في حفل مهيب في إمارة الرياض سنة 1997م.
فليس جديدًا على خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز استمرار هذه السياسة التي نشأ وتربى عليها في مواصلة الدعم الثابت والمستمر للشعب الفلسطيني، وهو صاحب الرؤية الثاقبة والصائبة، ورجل الدولة المتمرس في خدمة شعبه وأمته وقضاياها العادلة، نعم إنه عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، عهد الحسم والحزم، الذي لا يقبل التردد في خدمة شعبه وأمته والدفاع عن حياضها وضمان أمنها واستقرارها.
وإنني بهذه المناسبة لا يسعني إلا أن أتوجه بجزيل الشكر إلى مقامه السامي وإلى ولي عهده الأمين محمد بن نايف بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية وإلى ولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع وإلى الأسرة السعودية الكريمة، وإلى الشعب السعودي الكريم وحكومته الرشيدة، على ما قدمته المملكة وستقدمه من دعم متواصل ومستمر للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في مختلف المستويات ماديًا وسياسيًا ومعنويًا داعيًا المولى عز وجل أن يحفظ المليك الحكيم صاحب الرؤية الواسعة والشاملة بحفظه ورعايته وأن يديم على المملكة أمنها ونموها واستقرارها.