أحمد بن عبدالرحمن الجبير
لكل معلومة قيمة كبيرة من الناحيتين الإدارية والمالية، ولهذا فان الحصول عليها يجب الا يكون خاضعا لرغبات او علاقات أو مصالح، حتى لا يصبح السوق تكريسا لطبقة معينة، يرفضها الدين وقانون السوق، فالسوق يفترض ان يعمل لمصلحة المواطن، وليس لصالح فئة معينة وكبار السوق لهم من القدرة الفنية والمعرفية ما يجعلهم أكثر قدرة على الاقتراب من القرارات الصائبة، ومعرفة توجهات السوق، وصعوده وهبوطه احيانا، ولكن في غياب المعلومات تصبح الشائعة مصدرا مهما، واحيانا مغرضا، يكون لها تأثير سلبي على صغار المضاربين، وتصبح ادارة السوق هي المسؤولة لغياب الشفافية.
ونظراً لغياب الشفافية والوضوح في السوق، اصبح لدينا محللون منهم للأسف من يسوق للأوهام ويدفع الناس للغرق في وقت لا نرى على الساحة خبراء موثوقين يعتمد عليهم في توجه السوق فالأكثرية هم ضعيف الخبرة والمعرفة بخفايا السوق، وما يدور خلف الكواليس، مما اوجد سلبيات كثيرة في السوق، ولعل من الملاحظ ان ابرز المضاربة تحصل على أسهم لا تستحق الارتفاع او الهبوط، ذلك بسبب وجود تقارير مالية غير دقيقة، وبعيدة عن الوضوح والشفافية، وعدم قدرتها على قراءة المعطيات المؤثرة في السوق.
ولكي يصبح السوق مشجعا للمستثمرين وليس للمضاربين فان الاستثمار في سوق الاسهم المحلي بحاجة ماسة لمراجعة دقيقة، والمستثمر ينقصه الوعي والرؤية الواضحة، والقطاع المسؤول بحاجة إلى مهنية عالية وشفافية، ورقابة صارمة، وللوصول لهذا الامر واعادة الاستقرار والثقة للسوق، يفترض من الادارة الجديدة أن تأتي بالحلول والاجراءات، وأدوات الحماية لكي تدافع عن السوق قبل أن تحل به الكوارث، حتى وإن كان القرار صعباً كوقف التداول عند النزول، أو الصعود الحاد.
والامل كبير في رئيس هيئة سوق المال الجديد بالتركيز على الإجراءات، والأنظمة والقوانين التي تحمي السوق، وتضمن حماية أموال المستثمرين، وتفعيل الرقابة الصارمة للتعاملات والتداولات وكشف الممارسات غير العادلة، وذلك من خلال أساليب ونظم رقابية متطورة، وخاصة مراقبة المواقع الإلكترونية، للتأكد من سلامتها، وعدم وجود مخالفات لنظام السوق فيها، وايضا متابعة الشركات وأعضاء مجالس الإدارة للتأكد من التزامهم بمتطلبات الإفصاح والشفافية، وتطبيق متطلبات الحوكمة التي تكفل حماية حقوق المساهمين.
وعلى إدارة هيئة السوق الجديدة حماية المتداولين في سوق الاسهم، والدفاع عنهم، وتعزيز مفاهيم الشفافية والافصاح والعدالة في جميع شركات السوق المالية، وان تتولى الادارة الجديدة مهمة التحقق من أسباب التداعيات والمشكلات الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية التي تتسبب في تدهور السوق، وتصحيح المسار، حيث إن إصلاح السوق لا يأتي إلا بإصلاحات كثيرة، ومتنوعة من جميع الجهات المعنية، ومراقبة أهم التغيرات على جميع الشركات المدرجة في السوق المالية السعودي.
وعلى الادارة الجديدة عمل التحاليل اليومية لبيانات السوق ومراجعة الأوامر والصفقات المنفذة وإصدار القرارات اللازمة حيالها، وذلك بهدف ضمان أفضل ممارسات الإفصاح والشفافية للنهوض والارتقاء بجميع الإجراءات، وأنظمة السوق المالية، ومتابعة إعلانات الشركات، وتملك أعضاء مجالس الإدارة والتنفيذيين، والالتزام بمتطلبات الإفصاح الربع والنصف سنوية، والسنوية ومراجعة التقارير المالية وذلك بهدف توفير الحماية اللازمة لجميع المستثمرين في السوق السعودي.
ويجب على هيئة سوق المال متابعة السوق، والأداء الاقتصادي العام للدولة، والظروف الاقتصادية العالمية ذات التأثير في اقتصاد الوطن، ويفترض التدقيق بالقوائم المالية وبعض الممارسات الخاطئة من بعض الشركات، والتي يتم فيها الكذب، والتدليس في الأرباح، والذي من شأنه أن يضعف الثقة في سوق الأسهم المحلي، ووضع الضوابط لتحول دون فعل وتأثير الشائعات، وخاصة عند قدوم ودخول المستثمر الأجنبي إلى السوق السعودي.
نحن على ثقة أن رئيس هيئة سوق المال الجديد سيكون له دور كبير وإيجابي في مواجهة الشائعات، ومحاسبة من يطلقها، والعمل على ضبط السوق ودعمه بالكفاءات الوطنية، حيث إن السوق يحتاج إلى قيادات اقتصادية تحترم النظام، وتلتزم بالصالح العام، وتحفظ حقوق صغار المساهمين قبل الكبار، وإعادة الاستقرار والثقة للسوق، في وقت يلاحظ فيه أن جميع المؤشرات الاقتصادية الوطنية تبشر بالخير، وتؤكد سلامة الاقتصاد السعودي، واستقراره، في ظل قيادة حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان – حفظه الله.