محمد أبا الخيل
منذ ثلاث سنوات تقريباً وتحت قبة الجزيرة سألت معالي الدكتور فهد بالغنيم (وزير الزراعة السابق) حول دور الوزارة في تحقيق (الأمن الغذائي) فقال « رفعت وزارة الزراعة مقترحاً بأنه لا بد أن يكون هناك جهة محددة تتولى مسؤولية الأمن الغذائي بشكل كامل؛ حتى لا تضيع المسؤولية بين أكثر من جهة. ونحن نفضل أن تكون وزارة الزراعة هي المسؤولة عن موضوع الأمن الغذائي، وهذا المقترح الآن تحت الدراسة.» وقبل ذلك بثلاث سنوات كان قد أعلن عن تأسيس الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والحيواني (سالك) والتي يملكها بالكامل (صندوق الاستثمارات العامة)، وهذه الشركة تأسست برأسمال تجاوز (6) مليارات ريال و يتمحور دورها في تنشيط الاستثمار السعودي خارج المملكة في النشاط الزراعي وتنمية الثروة الحيوانية من خلال الاشتراك مع شركاء سعوديين أو شركات أجنبية قائمة ومتخصصة في تلك النشاطات, والتأثير في السياسات و الإجراءات الدولية بصورة إستراتيجية لتيسير استيراد منتجات استثماراتها للمملكة. ولم تبدأ الشركة مزاولة أعمالها الا في منتصف العام 2012م.
في مطلع هذه العام 2015 تحالفت (سالك) وشركة (Bunge) العالمية في تأسيس مجموعة مقرها كندا أطلق عليها G3 Global Grain Group) هو تحالف لامتلاك منظومة متكاملة لمناولة وتخزين وتجارة وتصدير الحبوب في كندا، وفي شهر أبريل من هذا العام قام تحالف (G3) بتملك نسبة (50.1 %) من مجلس القمح الكندي في عملية خصصة حكومية مشاركة مع تجمع للمزارعين بنسبة (49.9 %). هذا سيتيح لتحالف (G3) توفير ما يربو على (10) ملايين طن من الحبوب المنوعة للتصدير، وحيث تعتبر كندا مورد القمح والشعير الرئيس للمملكة فإن خطوة شركة (سالك) هي خطوة إستراتيجية ذكية، حيث سيتيح لها علاقات ومعلومات متميزة في سوق الحبوب الكندي والذي يبلغ حجمه السنوي (80) مليون طن من مختلف الحبوب التي بلغ حصة القمح منها (29) مليون طن، وحيث يبلغ احتياج المملكة من القمح حالياً (3.6) مليون طن و(9) طن من الشعير، فإن كندا تمثل موردا إستراتيجيا لحاجة المملكة من الحبوب، وخصوصاً أن كندا دولة تتمتع باستقرار سياسي واقتصادي متميز، ومع ذلك لم تكتف شركة (سالك) بذلك, فقد استحوذت على شركات زراعة للقمح في أوكرانيا وفي الأرجنتين وبلدان أخرى تنتج حبوبا أخرى كالرز وفول الصويا والكنولا.
إن شركة (سالك) على الرغم من حداثة تأسيسها فقد خطت خطواة جبارة في سبيل تحقيق (أمن غذائي) للمملكة من خلال استثماراتها, ولذا يجدر بها أن تكون الشركة المحور في إستراتيجية الأمن الغذائي وأن يتم دعمها بمزيد من رأس المال، وربما يجدر ببعض الشركات السعودية المتخصصة بالأغذية السعى للاشتراك مع شركة (سالك) في تكوين تحالفات وتنسيق جهود وشركات لتكوين منظومة عالمية يكون هدفها الإستراتيجي هو تأمين الغذاء بأسعار منافسة للسوق السعودية، وتكوين مخزونات إستراتيجية داخل المملكة وخارجها, فنحن اليوم في عالم بات يتنافس على كل الموارد المتاحة، ومن يملك التنظيم الأفضل هو من سيكون صاحب الحظ الأفضل، ولابد من الإشارة هنا للجهد المتميز والتفاني الذي يبذله مجلس إدارة شركة (سالك) وإدارتها التنفيذية، نرجوا الله لهم التوفيق والسداد.