محمد أبا الخيل
بعد انفضاض مؤتمر (كمب ديفيد) بين قيادات دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية والبيان المشترك الذي أتخم بالتفاصيل، جعل الأنظار تتجه مرة أخرى لفحوى الاتفاق الأمريكي الإيراني حول (المشروع النووي الإيراني)، وما إذا كان هذه الاتفاق يعني بداية مسيرة لتطبيع العلاقات مع إيران ؟, وماذا تعني للمصالح الأمريكية حتى تجعلها في ميزان مع مصالحها في دول مجلس التعاون الخليجي؟، وهل لإسرائيل دور في الموضوع ولو كان دوراً خفياً؟.
في هذا المقال القصير سأكتفي بنقاش مصلحة إسرائيل في الاتفاق الأمريكي الإيراني، وماذا يعني لإسرائيل على المدى الطويل.
لابد من الإقرار أن أي تعديل في السياسات الأمريكية تجاه اي دولة في الشرق الأوسط يهم إسرئيل ويحرك قواها داخل الولايات المتحدة للتأثير في تلك السياسات بحيث لا تهدد أمنها أو مصالحها، وإيران دولة هامة في المنطقة ومؤثرة وتعلن عبر إعلامها الرسمي عدائية لإسرائيل تصل لحد التهديد بالإفناء، ومع ذلك هناك كثير من الشواهد التي تثبت أن إسرائيل وإيران تتعاونان في مسائل كثيرة بما في ذلك المعاملات العسكرية، وأن هناك تنسيقاً بين الدولتين في تقاطعات مصالحهما في سوريا ولبنان و حتى في فلسطين، ومع أن إسرائيل عارضت بشراسة الاتفاق الأمريكي الإيراني حول مشروع إيران النووي، لدرجة أن يقوم رئيس وزرائها (بنجامين نتنياهو) وعلى رغم معارضة الرئيس الأمريكي (باراك أوباما ) بزيارة واشنطن ومخاطبة الكونجرس معارضاً ذلك الاتفاق في حادثة غير مسبوقة في العلاقات بين البلدين، إلا أن هناك شكوكاً في حقيقة معارضة إسرائيل لذلك الاتفاق، فبعد أن تم الاتفاق الإطاري بين الولايات المتحدة وإيران ظهر (افرايم هاليفي) رئيس جهاز (الموساد) الأسبق ليعدد مناقب الاتفاق في مقال له في صحيفة (يدعوت أحرنوت )بقوله «سيفرض الاتفاق على إيران رقابة غير مسبوقة لتحجيم منتجها من اليورانيوم قليل التخصيب، بحيث يحد من قدرتها لإنتاج وقود نووي لمدة 15 سنة « ثم يتبعه سلفه في نفس المنصب (مائيرداغان) وهو الشخصية المقربة من (بنجامين نتنياهو ) ليقول في مقابلة في التلفزيون الإسرائيلي « كلام نتنياهو حول خطر إيران على إسرائيل هراء, فلقد كذب حول قدرة الصواريخ الإيرانية للوصول لإسرائيل وكذب حول قدرة علماء إيران إنتاج قنبلة ذرية «، هذا الموقف من اتفاق ( أمريكا / إيران ) لاثنين من كبار صناع الاستراتيجية الاسرائيلية في وقت ماض قريب وإن كان غير رسمي يواجهه موقف مناقض رسمي يعبر عنه رئيس الوزراء (نجامين نتنياهو)، فهل إسرائيل تمارس (التقية) السياسية في إظهار علاقتها التنسيقية مع إيران، أم أنها كما قال أحد المعلقين السياسيين الأمريكان لا تريد تضييع الفرصة في كسب مزيد من الدعم الأمريكي الشعبي واستحلاب (المتعاطفين مع إسرائيل).
كل المؤشرات تقود للإعتقاد بأن إسرائيل تتفهم حاجة الولايات المتحدة لتدريج تطبيع العلاقات مع إيران، وأن إيران لاعب مهم في كثير من الشؤون الجيوسياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، ولذا لاتريد إسرائيل أن يتم ذلك دون أن يكون لها دور محوري، لذا استبقت إسرائيل ذلك بالاستعداد للتأثير في مجريات تلك العلاقة من خلال تصريحات لبعض مناصيرها في مجلس الشيوخ حيث قال السناتور (توم كوتون ) « إن الرئيس القادم لأمريكا سيلغي الاتفاق مع إيران بشخطة قلم « والمعروف أن أكبر داعمي حملة انتخاب (توم كوتون) هم صقور اللوبي الصهيوني، حيث بلغ مجمل تمويلهم له (60%) من إجمالي حملته، كلام ( توم كوتون) هو إشارة لإيران بأن تهتم بالرأي الإسرائيلي وتسعى لتأمين دعم إسرائيل للاتفاق المذكور، ولاشك أن الساسة الإيرانيين يدركون مغزى مثل هذه التصريحات ويقيمونها، لذا سنجد أن إيران ستنتهج نهجاً جديداً في علاقتها مع إسرائيل وخصوصاً بعد انفلات عقال الخوف العربي من مواجهتها ودحر طموحاتها في اليمن، فسوف تسعى إيران في مقابل السماح لدور إسرائيلي في الاتفاق ( الأمريكي/ الإيراني ) إلى دعم إسرائيلي في المحافظة على نظام الأسد في سوريا وتمكين أكبر لحزب الله في لبنان، وذلك من خلال تأثيرها في السياسة الأمريكية و ربما بدعم مباشر غير منظور. لذا لن أستغرب رفع ( حزب الله ) من قائمة المنظمات الإرهابية من قبل الحكومة الأمريكية في المستقبل بفعل التأثير الإسرائيلي المرتقب.