م .عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - يحمل كثيرون قدراً عالياً من التوجس تجاه كلمات أو عبارات تبدو في ظاهرها صحيحة لكنها في باطنها خطأ فادح.. من تلك العبارات مخرجات التعليم وكيف أنها يجب أن تناسب متطلبات العمل.. ويتساءلون: ألا ترون أننا بذلك نقولب البشر حتى يتناسبوا مع العمل؟.. بينما من العقل والإنسانية أن نقولب العمل ليناسب البشر.. ألسنا بقولبة الإنسان ليتناسب مع العمل لا نختلف في ذلك عمَّا فعله النجار في الأسطورة اليونانية حينما أخذ بمط الرَّجُل إذا كان السرير أطول منه أو قص رجليه إذا كان أطول من السرير!
2 - من العبارات الأخرى عبارة «الاستثمار البشري» بدلاً من «التنمية البشرية» لا شك أن الإنسان رأسمال بحد ذاته لكن هل هو عنصر يوضع في المكان الذي ينتج مادة أكبر أم هو رأسمال يوضع في المكان الذي يعود عليه بنفع أكبر.. فالإنسان هو أثمن رأسمال في الوجود.. والثمين تُسَخَّر الأعمال لخدمته ولا يُسَخَّر هو لخدمتها.
3 - مع تقدم التكنولوجيا سيتحول التعليم إلى تعلم.. وبذلك تنتهي قولبة التلاميذ وتتضح الفوارق الذهنية بينهم وتتوقف الأساليب التقليدية في تصنيف الطلاب حسب فئاتهم العمرية.. ويصبح التعليم مفصلاً ومصمماً خصيصاً لكل طالب على حدة حسب تجربته التعليمية ونموه المعرفي وبما يحقق ويلبي احتياجاته المعرفية.. وسيتحول التعليم إلى تدريب والفصول الدراسية السائدة إلى فصول إلكترونية.. وهنا تتحول الشهادات إلى درجة قياس كفاءة لا قياس مستوى تعليمي.
4 - من الظواهر السلبية للتكنولوجيا أنها سوف تؤثِّر على ذاكرة الإنسان لأنه سيتوقف عن استخدام ذاكرته ويعتمد على الأجهزة في الحفظ والتنبيه.. كما ستؤثِّر على قدراتنا في التأمل والتفكير المتروي.. وسوف تحول حياتنا إلى قطار سريع لا يقف ولا يرجع إلى الخلف ويتقدّم بسرعة هائلة تفقد البشر الحس الروحي.. ويتحول أداء الإنسان إلى أداء ميكانيكي ردات فعله محسوبة لا تلقائية.. ونتيجة لفورية التواصل التي تحققها له التقنية ستضعف لديه أحاسيس التواصل والتراحم.. فالتكنولوجيا ستجعل حياتنا مزدحمة سريعة الإيقاع ولن تُبْقِ لأي فرد أي مكان لعلاقة روحية شخصية.. كما أن كثافة المعلومات التي ستصبها أمامك الشبكات الإلكترونية بيسر وسهولة ستحرم البشر من التفكير المتأني والتأمل واسترجاع الذاكرة والاستفادة من المحفزات الملهمة التي تنتج الإبداع.
5 - يقول جان لوك: لا يهم من أين تأخذ الأفكار والأشياء.. بل إلى أين تأخذها؟