د. خيرية السقاف
ماذا لو أن بيوتنا أصغر حجمًا، وأضيق مساحة مما هي عليه..
وأثاثنا أقل وزنًا، وقِطَعًا..؟!،
وملابسنا محدودة الكمية، منتقاة بعناية تناسب كل المناسبات، والمواسم، خفيفة الوزن لا تتطلب سعة للتخزين..؟!،
لماذا لو أن غذاءنا صحي، ومطابخنا مختصرة، وأوعيتها أقل عدة، وعددًا..؟!،
ماذا لو أن مستهلَكَنا من أدواتنا الكهربائية، والصحية، وخزانات الماء، وأنابيب الصرف، ومستودعات المؤونة محدودة..؟!،
وعربات البيت واحدة، ولكل بيت مدخله المنفرد يفضي لكل الحجرات، دون ردهات واسعة، ومنعرجات مختلفة، وطوابق عديدة يصفق فيها الصمت..؟!،
ماذا لو أننا نلتقي على طبق واحد في كل وجبة،.. ونتحلق حول إناء شاي، أو قهوة، معا عند الراحة، ونرى بعضنا كلما تحركنا نرتشف من إناء، ونُطعَم من آخر..؟!
أنحتاج حينئذ لهذا العدد من الخدم، والحشم، والسائقين، والبوابين، والعربات، والجهد، والبذل المادي، والهدر الشامل..؟! كبرت بيوتنا أو صغرت هذه التي تعيش على الهدر الكلي..؟!
أنقع حينئذ في هذه العزلة الموغلة في التوحد عن بعضنا، وفي الخصوصية الموغلة في الغربة مع ذواتنا..؟!
وفي الإسراف المبالغ في جنونه، في المال، في الصحة، في الغذاء، في العلاقات، في استهلاك كل شيء....؟!
أنكون حينئذ في هذه الربكة الاجتماعية لمجرد أن دولة ما منعت، أو أخرى قلصت، أو ثالثة اشترطت، أو رابعة تأخرت عن إيفاد العمالة، والخدم، والسائقين إلينا..؟!
أو نكون نحن الذين نصدر أموالنا جزافا لغيرنا بلا تفكير، ولا تدبر..؟!
أو نكون نحن المجتمع الاتكالي بفخامة بين المجتمعات البشرية على غيره باختلاف فئاتنا، ومستوايات دخلنا، حاجاتنا..؟
ليتنا نسرف فلا يكون إسرافنا إلا في اكتساب الخبرات، وتوظيف الطاقات، ومنافسة الراكضين في مضامير الإنجاز.. ولو كان إنجازًا متواضعًا..،
ليتنا نأبى أن نبقى المستهلكين للإبرة، والمسمار، والوسادة، والثوب..!!
الكسالى عن تقديم كوب من الماء لأفواهنا بأيدينا أنفسنا..!!