جاسر عبدالعزيز الجاسر
أين تكون نتيجة انتخابات رئاسة اتحاد كرة القدم الدولي (الفيفا)؟ وسواء ظل السويسري جوزف بلاتر على رأس هذه المؤسسة الرياضية العالمية للمرة الخامسة أو إزاحة الأمير الأردني علي بن الحسين، فإن هذه الانتخابات استحوذت على اهتمام المتابعين مثلها مثل القضايا السياسية الدولية الكبرى، فالسيد بوتين رئيس الاتحاد الروسي اتهم أمريكا بالتدخل في هذه الانتخابات وأنها تعمل على الإطاحة ببلاتر وإظهاره فاسداً لعرقلة إقامة المباريات النهائية لكأس العالم في موسكو عام 2018م.
قول بوتين هذا جاء بعد اعتقال السلطات السويسرية بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية ستة مسؤولين كبار من الاتحاد الدولي لكرة القدم بتهم فساد صادرة عن القضاء الأمريكي، وتم الاعتقال داخل مكاتب الاتحاد الدولي في زيورخ، والتهم الأمريكية الموجهة لهؤلاء المسؤولين الكرويين بتلقيهم رشاوى وأموالاً بلغت قرابة المائة مليون دولار، مقابل تسهيل الحصول على حقوق التسويق للمباريات التي تقام في الأراضي الأمريكية وأمريكا الجنوبية على مدى العشرين عاماً وخاصة مباريات كأس العالم.
القبض على كبار المسؤولين الستة في الاتحاد الدولي لكرة القدم على الأراضي السويسرية وبطلب قضائي من أمريكا، قد يفسر بأنه خارج نطاق الولاية القضائية الأمريكية، إلا أنه حتى وأن لم يحقق الرغبة الأمريكية في تسليم المتهمين الستة الذين اعترضوا على تسليمهم لأمريكا خاصة وأنه لا يوجد بينهم مواطن أمريكي، إلا أن تفجر هذه القضية قبل انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بثمان وأربعين ساعة يضفي الكثير من الشك والظنون، فالروس ومع دول كثيرة اعتبرت الدعوة الأمريكية تدخلاً هدفه إسقاط بلاتر، ومن ثم مراجعة إجراء المباريات النهائية لكأس العالم عامي 2018 و2022.
وهذا قد يدفع مؤيدي ومساندي هذين الخيارين إلى دعم بلاتر وقد يفوز ويحصل على فترة خامسة في الرئاسة (طبعاً) النتائج ستكون معروفة عند قراءة هذه المقالة لأن الانتخابات جرت أمس الجمعة، ولعل لهذا السبب يحصل جوزيف بلاتر على دعم قوي وتأييد من الروس ومن الاتحادين الآسيوي والإفريقي واللذين يضمان اتحادات عربية، رغم أن منافس بلاتر هو الأمير علي بن الحسين، وهو الأمير العربي الأردني إلا أن لوبي بلاتر في غرب آسيا بالذات وفي بعض الدول الإفريقية أقوى وأكثر تأثيراً من مؤيدي الأمير علي بن الحسين، الذي يحظى بتأييد أوروبي وبالذات من فرنسا وبريطانيا، ويعد الأسطورة الفرنسية بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي من أكثر المؤيدين لتنحية بلاتر من رئاسة المنظمة الكروية الأهم في العالم بعد أن تلطخت سمعة بلاتر واتهامه بارتكاب العديد من التجاوزات التي لامست -إن لم تكن فعلاً قد حصلت- عمليات فساد أسقطت العديد من رفاق بلاتر حتى وصلت إليه شخصياً، ويعتقد كثير من المتابعين الرياضيين أن بلاتر حتى وإن فاز برئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم فلن يستطيع إكمال الفترة الخامسة ليس فقط لتقدمه بالعمر، بل لكثرة القضايا المرفوعة ضد العاملين معه والتي قد تطاله شخصياً وجميعها دعاوى تتعلق بالفساد والرشوى وخاصة فيما يتعلق بحقوق النقل التلفزيوني ومنح الدول حق استضافة المباريات النهائية لكأس العالم لكرة القدم.
عموماً أياً ما يكون الفائز برئاسة الفيفا، فإن انتخابات الاتحاد الدولي لكرة القدم أظهرت بأن الرياضة لم تعد بمنأى عن السياسة والتجاذبات الدولية وتأثير مصالح الدول الكبرى على هذه الأنشطة التي تنص قوانينها عن البعد عن السياسة.