ناصر الصِرامي
تتداعى إلى الأذهان قصص كثيرة عن الحروب الدينية والحروب المذهبية، ويحمل التاريخ مدى الضلال الذي يصل إليه من يقدمون أنفسهم أنهم دعاة للحق المبين!، فيما هم جنود للدم والقتل، رجال للشر و للباطل لقتل الآخر والدعوة لقتله أو التحريض عليه.
في العام 1608 أنشأ البروتستانت الأوروبيون «الاتحاد الإنجيلي» فرد عليهم الكاثوليك وأسسوا «العصبة المُقدَّسة» في العام 1609. فتحولت المواجهة إلى تعبئة عقائدية، أدت إلى الحروب المذهبية بين المسيحيين في العام 1618، وشملت فرنسا وإنكلترا وإسبانيا والدانمرك والسويد وإيرلندا وألمانيا وهولندا وسويسرا وسكوتلندا، واستمرَّت ثلاثين عاماً، وذهب ضحيتها حوالي 8 ملايين قتيل، ودُمِّرت أكثر من 2000 مدينة وقرية، وانتهت الحرب بمؤتمر صلح عُقِد في بروسيا عام 1648.
التاريخ قد يعيد نفسه بشكل أكثر سوءاً، حرب الأديان والمذاهب طويلة وقاسية وخطرة وقذرة. والمحرقة الأولى في التاريخ، كانت طائفية. وهذا خطر، أثق أن السعودية أمنياً وسياسياً مستوعبة لهذا الفتيل الخطر، وتعمل على إخماده، على الأقل في حدودنا الوطنية. وهو ما يتطلب قانوناً سعودياً وطنياً حازماً ضد الطائفية.
ما يجري في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها ليست إلا نموذجاً مصغراً لحرب مذهبية، أو محدودة، لكنها مقدمة للحرب المذهبية الإسلامية الكبرى، والتي تكاد تكتمل موادها وأدواتها ومواردها، قبل أن تندلع النار الكبرى في الشام..!
من العراق وحدها عدد من المنظمات والأحزاب الشيعية في العراق والتي يتهمها البعض بأعمال العنف الطائفي والتصفية الطائفية، بينها التيار الصدري وجيش المهدي: ويشكل أنصاره أعداداً كبيرة جداً في مدن جنوب ووسط العراق أبرزها مدينة الصدر في بغداد والناصرية والعمارة والسماوة وبنسب متفاوتة في النجف وبعض مناطق بغداد والبصرة وواسط وديالى.
عصائب أهل الحق: وهو تنظيم عسكري انشق عن التيار الصدري، ومتورط بأعمال العنف والقتل الجماعي.
فيلق بدر: الجناح المسلح لـ»المجلس الأعلى للثورة الإسلامية»، وقد أنشئ عام 1983 في إيران، وقد تحول إلى منظمة سياسية مدنية لاحقاً..لكن تسليحه باق!
ثم الآن.. الصورة الأكبر الحشد الشعبي والذي برز في سياق التعاون على محاربة تنظيم داعش، بعد فتوى للمرجع الديني علي السيستاني (بالجهاد الكفائي) لتحرير العراق من داعش، وارتبط اسمها بعمليات خطف وابتزاز وغيرها.
على الجانب الآخر (السني)، هناك ابتدأ من قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين: بدأت عملها باسم «جماعة التوحيد والجهاد» بزعامة الزرقاوي.
دولة العراق الإسلامية، ثم جيش أنصار السنة، وكانت تسمى بـ(أنصار الإسلام) سابقاً، وهي جماعة كردية، وجيش المجاهدين: مجموعة تشكلت من خليط ضم عسكريين سابقين، يغلب عليهم الطابع العشائري، ونشاطه منحصر ضد المدنيين العراقيين.
والجيش الإسلامي في العراق: تنظيم محلي مشكل من ضباط استخبارات وجيش سابقين مع حضور وأيضاً فصائل المقاومة الجهادية، تشكيل إسلامي عشائري. ثم جيش محمد.
لكن تلك التنظيمات الانشطارية أصبحت اليوم أو ذابت تحت مظلة واحدة، وهي تنظيم داعش، دولة الخلافة!
بعد مقتل الزرقاوي انتخب أبو حمزة المهاجر زعيماً للتنظيم. وبعد أشهر أعلن عن تشكيل «دولة العراق الإسلامية» بزعامة أبي عمر البغدادي. وبعد مقتله، فاختار التنظيم «عواد إبراهيم عواد القريشي الحسيني» المعروف باسم «أبو بكر البغدادي» خليفة لدولته (داعش).
إلى جانبها جبهة النصرة لأهل الشام، وتم تشكيلها أواخر 2011 خلال الأزمة السورية،، وسرعان ما نمت قدراتها.
حشد شعبي وحزب الله وغيرهما، يقابلة داعش والنصرة وأخواتهما، من العراق إلى لبنان وسوريا هناك يتم الآن التحضير لاندلاع المعركة الكبرى المذهبية الإسلامية.. تركيبة لا تختلف عن «الاتحاد الأنجيلي»، البروتستانتي، مقابل «العصبة المُقدَّسة» الكاثوليكية..
هذه حقيقة يجب أن نتوقع إخبارها قريباً.. بعد هذه البدايات التي ستعد بسيطة أو محدودة مقارنة بما سيحدث..!