هاني سالم مسهور
لم يكن منتظراً من الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح أن يظهر بغير الفظاعة التي ظهر بها في لقاء تلفزيوني استمر مدة ساعة كاملة احتمل فيها كل القُبح الذي يمكن أن يجتمع في إنسان، فلم يكتف بالجحود والنكران للمملكة العربية السعودية بل تجاوز ذلك متعجرفاً في سياق لا يمكن أن يتوافق مع غير طبيعة دنيئة وقيم فاسدة جعلت من المخلوع صالح خارجاً عن أدنى متطلبات الحياء والشرف.
ولن يكون المخلوع صالح أول أو آخر العاضين والجاحدين للمملكة بل هو واحد من الذين أنكروا المعروف، ولن ينقص من المملكة شيء وهي التي تتسامى في مواقفها المشهودة، وليس من طباعها أن تخوض في معروف قدمته، فسخاء اليد السعودية أمر تجاوز الوصف، ولكن وقفات ولابد منها مع المخلوع صالح لعلها ترسم ملمح مستقبل موسوم بإعادة الأمل لدولة أفسدها المخلوع صالح وحلفاؤه.
لم يخف المخلوع صالح حقيقة لطالما تجاهلها الإعلام العربي في نظرته لليمن، فاليمن قائم على شراكة تجمع الرئيس الجمهوري مع منظومات مختلفة قبلية وغيرها، غير أن العمق الأهم في العلاقة اليمنية شمالاً ترتكز على العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام السياسي الحاكم الذي ومنذ أن اغتال الرئيس الحمدي وضع شراكته على مدار أكثر من ثلاثين عاماً خاضا فيها معاً مختلف المراحل السياسية التي كانت أبرز محطاتها السياسية إعلان الوحدة اليمنية في عام 1990م، وهي المرحلة الأهم والتي من خلالها حاول المخلوع صالح طعن المملكة في تحالفه مع العراق إبان غزو صدام حسين للكويت.
وصف المخلوع صالح حرب صيف 1994م بأنها هزيمة للمملكة العربية السعودية متجاهلاً أن الرياض كان بمقدورها اتخاذ موقف سياسي حازم وحاسم تجاه الحرب، فلقد تضمن اجتماع المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي في دورته الحادية والخمسين بمدينة أبها السعودية في الخامس من يونيو 1994م تأكيداً على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 924 ومطالبة أطراف النزاع بحل المشكلات السياسية بالطرق السلمية وكان بمقدور المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي إعلان موقفها من انفصال الجنوب بموجب ما أعلنه السيد علي سالم البيض في 21 مايو 1994م من فك الارتباط السياسي عن صنعاء والعودة إلى ما قبل 1990م، لكن السعودية وقفت موقفاً بجانب الجهود الدولية التي كان يقودها آنذاك الأخضر الإبراهيمي، ولو كانت المملكة مع خيار الانفصال لما كانت الوحدة اليوم قائمة أصلاً.
المزايدة التي يقدمها المخلوع صالح تجاه الموقف السعودي من حرب 1994م تفندها الحالة السعودية التي تعاملت مع اليمن بقيمة المملكة السياسية الكبيرة، فلم تتعامل مع اليمن وفقاً لمواقفه السياسية التي كانت مفصلية في التاريخ السياسي السعودي خاصة أن تبعات غزو الكويت كانت لها أبعادها على المنطقة والعالم.
المخلوع صالح لم يكتف بذلك الافتراء بل بلغ به اعتبار أن ما قدمته المملكة في 2011م لم يكن إلا عبر تنسيق معه، وهذه هي شهادة للمملكة وليس عليها فهي لم تتدخل إلا عبر الشرعية التي كان هو يمثلها عندما نشب الصراع على السلطة بينه وبين شركائه في السلطة السياسية، ولو أن المملكة اتخذت الإجراءات الصحيحة بعد تفجير مسجد النهدين لكانت صنعاء أثرا بعد عين.
التركيبة التي صنعها نظام علي عبدالله صالح بين القبيلة والحركات الإسلامية المختلفة سواء كانت الزيدية أو الإخوانية أو حتى القاعدية هي التركيبة التي لم تجد لها المحاولات الكبيرة لاختراقها سواء عبر مؤتمر الحوار الوطني الذي كان يفترض به أن يخرج اليمن لتأسيس نظام سياسي مغاير، وحتى عاصفة الحزم التي وجهت عملياتها ضد المنظومة العسكرية لكنها لم تستطع تغيير المشهد السياسي فلم تتحرك المنظومة السياسية أو القبلية ضد سيطرة الحوثيين وشريكهم المخلوع صالح مما يؤكد التغول الذي صنعه المخلوع صالح في البنية اليمنية شمالاً، يخالف ذلك واقع الجنوب الذي ظهر منذ سنوات رافضاً الانسجام مع ما يفعله نظام علي عبدالله صالح، وهو ما تأكد من خلال المقاومة الجنوبية في عدن والضالع ويافع التي تعاملت مع عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل بشكل إيجابي مما حقق الهدف الرئيسي بإسقاط المشروع الإيراني في اليمن.
قبح علي عبدالله صالح لن يتوقف وينتهي إلا بالنهاية الطبيعية لكل أمثاله الذين انتهوا نهاية يستحقونها بالخروج من الحياة كلها يحملون العار ويتركون من ورائهم قيحهم.