يوسف المحيميد
- 1 -
من أسوأ خلق الإنسان أن يحول خلافه الشخصي إلى ما يشبه الموقف الموضوعي، ويضفي عليه الكثير من الكذب والافتراء، ويزداد الأمر سوءاً حينما يلبس الموقف لباساً دينياً، كما يفعل عدد من المتحدثين باسم الدين في إثارة وسم (هاشتاق) يهدف إلى النيل من قناة شهيرة كانوا يصولون ويجولون فيها، يتكسبون من برامجهم فيها، وحينما ألغيت عقودهم أصبحت هذه القناة رجساً من عمل الشيطان، مع أنهم أصبحوا يظهرون في قنوات أخرى، هي في مقاييسهم تلك، أكثر عرياً وانحلالاً!
- 2 -
كثير ممن كال الشتائم، وأرعد وأزبد حول موضوع الابتعاث، واعتبر أمر ابتعاث المرأة خزياً، إن لم يكن حراماً، لم يخجل من كتابة التغريدات في تهنئة ابنته الحاصلة على الماجستير أو الدكتوراه من جامعة في واشنطن أو بوسطن أو نيويورك، وكان مثل هذا التناقض أن يمر لو لم يكن هناك سلطة خامسة، هي سلطة مواقع التواصل الاجتماعي، وبالذات تويتر، الذي يصطاد فيه المغردون كل هذه التناقضات الموجعة!
- 3 -
بعض من لجلج في المنابر، وفي أشرطة الكاسيت، وفي الكتيبات الدينية الصغيرة، محذراً من السفر إلى الخارج، ومعتبراً ذلك من التفريط بدين المرء، ووصف من يسافر بعائلته إلى ما يسميه دول الكفر، أصبح الآن ينتظر الصيف بفارغ الصبر، كي يسافر إلى شواطئ أمريكا، وريف بريطانيا، بل إن أولاده، وربما بناته، هن من يضعن برنامج الرحلة، وأماكن السياحة المنتظرة، وتحول السفر إلى ترويح عن النفس، وأمر مقبول وجيد!
- 4 -
من دعا مراراً إلى الجهاد، وغرر بالمراهقين المتحمسين، ليذهبوا إلى أفغانستان والعراق وسوريا، ويموتون هناك، لتبكيهم أمهاتهم، ويتحسر عليهم آبائهم، يتحول إلى فلسفة ومناورة أخرى حينما يتعلق الأمر به، ولماذا لم يذهب هو، أو أولاده، إلى الجهاد، ليقول إنه يجاهد بالكلمة، وبالدعوة إلى الله، وكذلك أبناؤه جهادهم في العلم، وفي نشر الدعوة إلى الجهاد في أوساط الشباب، أي يجاهدون بجوارهم، وليس في مواضع الفتنة والقتل!