موضي الزهراني
تعتبر العقوبات البديلة من الحلول الهامة للحد من التكدس في السجون، وماينتج عنها من مشكلات سلوكية ونفسية تسيء للمسجون أكثر مما تفيده في تعديل سلوكه، والحد من انحرافاته السلوكية مستقبلاً. إلى جانب الحد من إهدار الميزانيات الضخمة على السجون بدون فائدة تذكر! ولقد أشار المستشار القانوني « أحمد المحيميد « بأن الأحكام البديلة هي استبدال الحق العام والمتمثلة في الجلد أو السجن والمحكوم بها من المحاكم، وقد تكون أعمالا ذات نفع عام لجهة عامة أو القيام بأعمال اجتماعية أو تطوعية، وأن نظام الحماية من الإيذاء في سابقة فريدة بالأنظمة السعودية أورد في العقوبات صلاحيات للقاضي لاختيار عقوبات بديلة للعقوبات الحابسة للحرية، وبلاشك العقوبات البديلة لاتُعتمد للحدود والجرائم الكبيرة مثل المخدرات والقتل . وفي حوار سابق أيضاً مع القاضي ياسر البلوي قاضي محكمة صامطة في صحيفة الشرق الأوسط عام 1430 وهو من القضاة الذين اعتمدوا الأحكام البديلة، أشار بأنهم لجأوا للأحكام البديلة بعد عودة 30% للسجن، وبالرغم أن العقوبات البديلة أهون من الحبس والجلد، إلا أنها تواجه رفضاً اجتماعياً من المجتمع لأنها تتعلق بمهن غير مقبولة اجتماعياً، كمثل العقوبة التي أصدرتها المحكمة الجزائية في محافظة جدة وهو حكماً بديلاً عن السجن لفتاتين وشابين تم ضبطهم في خلوة غير شرعية خلال حفلة ماجنة خاصة بإلزام الفتاتين بزيارة 10 مرضى في العناية المركزة بأحد المستشفيات الحكومية فيما حكمت على الشابين بحفر خمسة قبور بالرغم من اعتراض المدعي العام وتم رفع الحكم للاستئناف ! هذه العقوبات من وجهة نظري كأخصائية نفسية مارست العمل الاجتماعي سابقاً مع الفتيات الأحداث لسنوات، وحالياً مديرة لدار الضيافة للفتيات المرفوضات أُسرياً بعد السجن، أهون من التعايش اليومي المرير مع خبرات أكثر انحرافاً، فالعقوبات البديلة للمخالفات الشرعية المرتبطة بالحق العام وخاصة التي تكون آثارها السيئة لاتخص الفاعل فقط، كمثل المعاكسات وإثارة الشغب، وعدم احترام النظام العام، والتخريب والتفحيط، والخلوة غير الشرعية، والعقوق، والتغيب عن الأسرة، لن تجدي معها عقوبات الحبس والجلد نفعاً لانفسياً ولاسلوكياً، بل ستدفع مرتكبيها نحو العدوانية والانتقام أكثر، واحتمالية عودتهم لطريق الانحراف واردة، واحتمالية رفض الأسرة لهم بعد الإفراج واردة وخاصة الفتيات مما سيطول عليهن البقاءفي السجون، واكتساب خبرات أكثر انحرافاً وجُرماً عن السابق ! لذلك لابد أن تُكمل وزارة العدل مسيرتها المشهود لها في هذا المجال، وأن تعتمد من خلال المحاكم الجزائية العقوبات البديلة ولكن بتقنين أكثر وضوحاً من خلال أدلة منظمة لتلك العقوبات وأن لاتكون خاضعة للاجتهادات الشخصية من القضاة فقط، بل من الضروري الاستعانة بخبرات نفسية واجتماعية لتصنيف العقوبات تبعاً للخصائص العمرية والنفسية للشباب والفتيات، وتبعاً للمخالفات السلوكية غير الشرعية التي قاموا بها نتيجة للجهل الشرعي، وسوء التربية الأسرية، وضعف الوازع الديني أيضاً . فالعقوبات البديلة قد تعالج خللاً سلوكياً أو نفسياً بداخل ذلك الفتى أو الفتاة، أما العقوبات الأخرى قد تدفع بهم لطريق مظلم مرة أخرى بعد شهور أو سنوات عاشوها في عنابر المؤسسات الإصلاحية أو السجون!