د.عبدالعزيز العمر
هل القوة العسكرية ترتبط بالضرورة بقوة التعليم وجودته؟ لا أظن ذلك، فالولايات المتحدة الأمريكية الأقوى عسكرياً تحتل ترتيباً متأخراً نسبياً في تحصيل وإنجازات طلابها في العلوم والرياضيات (عصب حضارة اليوم)، وذلك قياساً بما حققه طلاب دول مثل فنلندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية. التفوق العسكري والاقتصادي للولايات المتحدة أسهم فيه عدة عوامل مثل سيطرتها على جوائز نوبل، وفرة المصادر الطبيعية، والأهم من ذلك دعمها اللامحدود للبحث العلمي واستقطابها للعلماء من كل أنحاء العالم، وتمتعها بحكم ديموقراطي مستقر وناضج سياسياً. لنأخذ مثالاً آخر، كوريا الشمالية تتفوق عسكرياً على جارتها كوريا الجنوبية، في حين أن كوريا الجنوبية تتفوق تعليمياً على جارتها الشمالية، هذا التفوق التعليمي لكوريا الجنوبية هو الذي منحها الفرصة لتتفوق على جارتها الشمالية في الاقتصاد والتقنية والإنتاج الذي يخدم رفاهية وسعادة الإنسان الكوري الجنوبي. كوريا الشمالية لم تستغل من تطبيقات التعليم والعلم إلا ما يدعم قدرتها على العسكرية (قامت مؤخراً بتفجير نووي تحت البحر)، أي أن كوريا الشمالية لم تستثمر التعليم والعلم في تنمية اقتصادها وتحقيق مستويات عليا من التنمية البشرية والعيش الكريم لمواطنيها. تذكروا أن كوريا الجنوبية تقدم لكوريا الشمالية المساعدات والإعانات الإنسانية. نخلص من كل ذلك إلى أن التعليم قد ينتج اقتصاداً قوياً (فنلندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية)، وقد ينتج قوة عسكرية فقط (روسيا وكوريا الشمالية). التاريخ يقول إن (اسبرطة) المتخلفة البربرية هزمت (أثينا) المزهرة حضارياً.