فوزية الجار الله
ثمة ملامح في الذاكرة لصوت هادئ وخطوات محسوبة وحضور جميل رغم غموض البدايات أحياناً.
هذه الصورة عادت تشعّ بقوة حالما تناهى إلى سمعي خبر الجريمة المفجعة في جدة، الخبر الذي وصلنا بداية عبر «التويتر» بداية كان مذهلاً لكل من علم به ولذا فقد طفقت الأصوات تتحدث والأقلام تجلجل، المصيبة الأكبر الذي جعلت الحدث غير عابر بالنسبة لي أنني تذكرت بأنه سبق لي رؤية الفتاة ذات صيف منذ حوالي ثلاث سنوات في مناسبتين مختلفتين، بيني وبينها صديقة مشتركة، وكنا معاً مع بعض الزميلات، كانت ذات خلق وذوق رفيع رغم أني لاحظت تحفظها كثيراً - رحمها الله - في الحديث حول نفسها وقد احترمت رغبتها، لم تبرح صورتها ذاكرتي منذ سمعت الخبر، الصديقة المشتركة فيما بيننا كانت في حالة ذهول وانهيار وعدم استيعاب لما حدث، تحدثنا عبر «الواتس أب» نظراً لوجود الصديقة المشتركة خارج المملكة حالياً بهدف الدراسة، الجريمة المفجعة تطرح سلسلة من الأسئلة: هل يعقل بأنه لايزال بيننا من يعيش بمنطق الجاهلية والعنصرية التي تدفع إلى جريمة بشعة مثل تلك ؟! تلك الجاهلية التي يبدو ملامح منها في بيت الشاعر الجاهلي الشهير في إحدى المعلقات:
وأنّا العاصِمونَ إذا أطعنا
وأنّا العازمون إذا عُصينا
ثم ماهو دور دار الحماية التابعة للشؤون الاجتماعية في حماية الفتيات ولماذا لم تستطع رد الأذى عنها ذاك الذي أودى بحياتها؟
كان هناك مقدمات لهذه الجريمة تراوحت ما بين الاعتداء وتعنيف الفتيات من قبل أشقائها فقط لموافقتها على الخطبة لرجل ليس من جنسيتها رغم موافقة والدها فما الذي تم بهذا الشأن لماذا لم يتم معاقبة الجناة لردعهم عن التمادي ؟! في مجتمعنا إلى أي مدى تملك فتاة متعلمة عاقلة، بلغت مرحلة النضج حريتها في اختيار شريك حياتها الذي سيكون أباً لأولادها في المستقبل؟ إلى أي مدى تملك امرأة سعودية إرادتها واتخاذ قراراتها بنفسها دون أن يكون لزاماً عليها أن تتخطى العديد من الحواجز الشائكة ؟! إلى أي مدى يتم الاعتراف بأهلية المرأة وقدرتها على إدارة حياتها بنفسها؟ خاصة حين لاتطلب الكثير بل تطلب ما أقره الشرع عبر الحديث « إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه..» .
قرأت مقالاً للدكتور سعيد السريحي هذا الأسبوع، حول هذه القضية يقول في خاتمته: « أُزهقت روح تلك الفتاة في خاتمة الأمر على يد شقيقها، غير أن اعتباره القاتل الوحيد لها مسألة فيها نظر، ذلك أن المجتمع الذي لم يردع أولئك الأشقاء وعجز عن توفير حماية لها أمر لا يخلو من مشاركته في جريمة قتلها « وانا أقول صدقت يا د. سعيد.