سعد بن عبدالقادر القويعي
بوادر جميلة وراء تلك العبارات الصادرة من الدكتور توفيق السديري وكيل وزارة الشؤون الإسلامية، في الالتزام برسالة السعودية الوسطية، والمعتدلة، وتعاملها مع أبناء الوطن دون تفرقة بين أحد منهم.. وأن هذه الرسالة تترجم من قِبل الوزارة عبر برامجها الدعوية، وعلى مستوى منابر الجمعة، - سواء - أكان ما يُوجه به الخطباء من دعوة، لترسيخ الوسطية, وتجريم الشحن الطائفي.. - وكذلك - عبر محاسبة من يخالف هذه السياسة، وهذا التوجه من قبل منسوبيها عبر آلية منضبطة, ودقيقة، فمثل هذا التصريح - في تقديري - يصب في اتجاه صيانة الوحدة الوطنية، وتجريم العنصرية، ومحاصرة الخطاب الطائفي، وتجريمه بعقوبات واضحة، وصريحة، والتي تهدد التعايش المشترك، وزعزعة الثقة المتبادلة بين مختلف الأطياف, بل وتفويت الفرصة على المنتفعين من إثارة الشحن الطائفي، ممن يرمون بالوطن في أتون الاحتراب الطائفي؛ من أجل مصالح فئوية.
المعالجة في إطار وزارة الشؤون الإسلامية، تكون قد تمت نظاماً بنبذ كل دعوات إشعال الفتنة الطائفية، وتعزيز وشائج اللُحمة الوطنية الجامعة, باعتبار أن الخطر الذي يتهدد إنجازاتنا - اليوم -، قد يأتي من التحريض المنظم على إفراز الهوية الطائفية، والعرقية, وحتى القبلية؛ ولأن أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية, هي الفتنة الطائفية, والمذهبية، فإن إدراك العلماء, والمسؤولين لخطورة المرحلة الراهنة، وما تواجهه من مؤامرات, وتحديات خارجية، سيقطع الطريق أمام أدوات الفتنة.
إن تلمس الأسباب الكفيلة في حماية الوحدة الوطنية، وصون السلم الاجتماعي، والتصدي لكل ما يدعو إلى الفرقة بين مكونات المجتمع، هو صوت العقلاء، والحكماء في كل المذاهب، والطوائف.. ثم إن الرهان في مواجهة هذه التحديات إنما يقع - أيضاً - على عاتق المواطن، ووعيه, ورغبته الفطرية في بلوغ الوحدة الوطنية, والأمن الاجتماعي، والاستقرار، ونبذ الفتنة، ورفض خطاب الشحن الطائفي.
في المقابل, فإن فتح موجات الشحن الطائفي، والمذهبي على مصراعيه، سيؤدي بالمجتمع إلى منزلق خطير غير مسبوق، وذلك بنشر سموم الطائفية، والكراهية بين أبناء الوطن الواحد؛ ولعل ما نراه - اليوم - من ساحات الخراب, والتفكك المجتمعي, والممارسات الاستئصالية الحاضرة أمامنا في المنطقة، خير شاهد على ما ذكرناه، - خصوصاً - أنها تتوازى مع تواتر الحديث عن العوامل التي تزيد من حدة الأزمات اشتعالاً، ودون الوصول إليها في كل مرة حول النهايات؛ لاقتلاع جذور المشكلة؛ مما زادها تعقيداً؛ بسبب فتنة اللاوعي، وفتنة التطرف, وفتنة عدم احتواء مكونات الأمة في مشروع إيجابي، يصرفها عن خصومات الفتنة.
بقي القول: إن تطوير أطر, ومبادرات التلاقي، وبناء ثقافة وطنية تقوم على الوحدة, واحترام التعدد، والتنوع, هي مسؤولية العلماء، وأهل الرأي؛ للقيام بدورهم في إرشاد آحاد الناس, وإخراجهم من دائرة الاستهداف, والتآمر الخارجي، وسداً لثغرات الاختلالات الأمنية, بما يخدم مشروع الأمة, وقضاياها الكبرى، ومستقبلها الحضاري, - وبالتالي - فإنه لا يجوز أبداً تجاوز هذه الأهداف, ولا التفريط فيها؛ انسجاماً مع ضرورات التعايش السلمي؛ وامتثالاً لنداء الوحدة الإسلامية.