عبدالحفيظ الشمري
ما يميز المدن ويجعلها متكاملة المعالم، ومقبولة الشكل، وحسنة المظهر، يكمن في التفاصيل الدقيقة لرفاهية التخطيط، واكتمال معالم البناء، وتوفر الخدمات، لكي تكون هذا المدن عصرية بما يكفي، لتقديم رسالتها للعالم، بأنها أنجزت مهامها الحضارية والإنسانية، وأنشأت مرافقها العصرية بشكل متقن وجذاب.
فالمرافق والمنشآت والأعمال التقنية يجدر فيها أن تكون إضافة نوعية للحياة في المدن، لكي تسهم في تسهيل منظومة العيش بسهولة وتميز، يحقق معادلة المتعة والفائدة من قيام مثل هذه الأعمال التي تعد ركيزة مهمة من ركائز بناء المدن العصرية التي لا شك أنها تسعى إلى تفاصيل حياة الحاضر، وتتطلع للمستقبل، ولا مانع من أن تستضيف الماضي ـ التراث ـ لتجعله إضافة نوعية ومسحة من الجمال الإنساني.
وربما أبرز هذه المرافق والمنشآت في المدن هي طرق وممرات المشاة التي لا شك أنه ينتظرها الكثير من التطوير والتعديل، وربما إعادة رسم خارطة هذه الأعمال من جديد، لكي يسهل لأهل هذه المدن ومرتاديها ممارسة مهام حياتهم، ليتفاعلوا مع هذه المنشآت، ويستفيدوا من ما تقدمه هيئات تطوير هذه المدن. فما يلاحظ حقيقة على طرق المشاة إجمالاً أنها لا تزال في نظر البعض عملاً تكميلياً.. فمتى ما تم إنشاء أي مرفق، وتبقى من مخصصاته شيء ما، فإنه يكون لممرات المشاة، ليتم تنفيذه كتحصيل حاصل، وكيفما اتفق! وهذا سبب من أسباب غياب طرق وممرات المشاة وتهالك ما هو قائم منها.
ورغم أن هناك رؤى ولمسات لا يمكن للعين أن تخطئها في مجال المرافق الحيوية لا سيما في مضامير رياضة المشي والجري، حينما تشاهد في بعض الأحياء مثل هذه الممرات والطرق وقد أعدت لأغراض الرياضة والمشي، إلا أن هناك أبعاداً جذرية تتطلبها مثل هذه المنشآت على نحو تأسيس المكان والبيئة المناسبة، والبنية التحتية المفيدة، والسعي إلى تنفيذ مثل هذه المرافق كضرورة أساسية يحتاجها الجميع في كل حي.
ولا تقل أرصفة المشاة العادية عن غيرها من الممرات والأرصفة الأخرى، إذ تتطلب أن تكون مهيأة لخدمة العابرين، ولا سيما المتنقلين بين المجمعات والأسواق التجارية، حيث يتطلب قيام منظومة عمل متكامل في تأسيسها وإنشائها، ومن ثم التعامل معها كطرق مهمة، تطبق فيه جميع القوانين والأنظمة. على نحو أنظمة المرور، وإشارات السير والتوقف، ومساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
وربما أهم خطوة في هذه المرافق هي اهتمام إدارات المرور والأمن العام، والجهات الأمنية المساندة في هذه المراكز التجارية لعمل خطة تنظيمية حقيقية للالتزام بالعبور والمرور من خلال هذه الطرق، لكي لا تسبب هذه الفوضى في الدخول والخروج مزيداً من الحوادث التي تحصل بسبب انعدام مثل هذه الممرات والطرق التي لا تزال في خانة الاجتهادات الشخصية، والحلول المؤقتة التي تتحول رغم عوارها وعدم كفاءتها إلى أخطار دائمة لا حلول لها.
فلا بد من قيام هذه التجربة وتطويرها في ممرات وطرق المشاة لتكون مشروعاً نموذجياً متكاملاً، يمكن أن يطبق في حالة اكتماله ونجاحه في مدن أخرى، مع توفير الطاقات والإمكانات لا سيما المتطوعين في مجال خدمة المجتمع، ليكونوا خير عون لمديري ومشغلي هذه الأعمال الحضارية والحيوية.