جاسر عبدالعزيز الجاسر
كما كان متوقعاً فشل لقاء جنيف الذي رتبته منظمة الأمم المتحدة لجمع ممثلي الحكومة الشرعية في اليمن والانقلابيين الذين يمثلهم الحوثيون وجماعة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
وإذ كان العرب يقولون إن (المكتوب معروف من عنوانه) فإن عنوان فشل لقاء جنيف قد سبقه قبل انعقاده، فبالإضافة إلى الاختلاف في توصيف المشاركين في اللقاء، فبعد تسرع ممثل الأمم المتحدة ولد الشيخ أحمد بقوله إن مؤتمر جنيف مخصص لمشاورات بين المكونات السياسية في اليمن مساوياً الانقلابيين الحوثيين وحلفاءهم أنصار الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بوفد الحكومة الشرعية التي تعترف بها الأمم المتحدة ودول العالم، وقد كاد هذا القول أن ينسف اللقاء قبل توجه أعضاء الوفود إلى جنيف، وتم تداركه بعد التراجع عن هذا القول وتأكيد الأمين العام للأمم المتحدة شخصياً على أن اللقاء يجمع الحكومة الشرعية بالمكونات السياسية اليمنية الأخرى، وما أن تم معالجة هذه المعضلة حتى ظهرت معضلة أخرى أثارها الانقلابيون وحلفاؤهم عند وصول طائرة الأمم المتحدة لنقل المتفاوضين إلى جنيف، وذلك أن الأمم المتحدة وحسب الاتفاق بين الأطراف المشاركة في اللقاء أن يكون عدد كل وفد سبعة أعضاء مع مستشارين وصحفيين لا يتجاوز عددهم خمسة أشخاص لا يشاركون في جلسات الحوار، وعندما حضرت الطائرة تجمع عدد من الانقلابيين وجماعة الرئيس المخلوع وممثلو الأحزاب السياسية الحليفة التي يسمونها في اليمن (أحزاب أبو اثنين) ومعنى هذا أن الحزب الذي يسيرون خلف لافتته، لا يضم سوى الرئيس وحامل اللافتة، وتجمع كل هؤلاء في مطار صنعاء كل يريد أن يصعد إلى الطائرة، وعندما عجز موظفو الأمم المتحدة عن إيجاد حل لهذه المشكلة التي أثارها الانقلابيون وحلفاؤهم خاصة بعد أن اندلع عراك وتشابك بالأيدي بين من يريدون تحديد مصير اليمن، لم يكن أمام موظفي الأمم المتحدة سوى الطلب من الطائرة التوجه إلى جيبوتي انتظاراً لحل المشكلة، وهكذا تأجل بدء اللقاء يوماً، وفي اليوم الثاني عادت الطائرة، واتفق على صعود واحد وعشرين شخصاً، زيادة عن العدد المطلوب، وفي جنيف أثار وفد الانقلابيين مشكلة جديدة، بطلبهم أن يرفع عدد المشاركين إلى عشرة أشخاص، بحيث يسمح لممثلين حزبيين بالانضمام إلى الوفد الانقلابي الذي تقاسمه الحوثيون وجماعة علي عبدالله صالح، وهو ما رفضه وفد الحكومة الذي التزم بما تم الاتفاق عليه مع الأمم المتحدة، وأن لا يكون هناك تجاوز لما تم التفاهم حوله وألا تكون جلسة المفاوضات مفتوحة لكل من هب ودب.
أيضاً قدم وفد الانقلابيين أجندة موضوعة سلفاً بشأن ترتيب نقاط البحث وجدول أعمال اللقاء بحيث طالبوا بفرض هدنة لوقف القتال دون أن ينفذ الانقلابيون بنود وفقرات القرار الأممي 2216، ورد وفد الحكومة الشرعية بأنهم لا يمانعون من توقيع هدنة توقف القتال، ولكن بعد أن ينفذ الانقلابيون بنود القرار الأممي 2216، وبالذات الانسحاب من مدن عدن وتعز والحديدة وأن يستكمل بعد ذلك الانسحاب من صنعاء وأن يطلق سراح السياسيين الذين وصل عددهم قرابة الستة آلاف يعتقلهم الحوثيون.
وفد الانقلابيين لم يوافقوا على تنفيذ البندين الأولين المهمين من القرار الأممي 2216 واللذين ينصان على الانسحاب من مدن عدن وتعز والحديدة، وبعد ذلك صنعاء وإطلاق سراح المختطفين السياسيين، وقد تبين لوفد الحكومة الشرعية وكل من حضر إلى جنيف أن هدف الانقلابيين هو اكتساب شرعية تمثيل الشعب اليمني أو على الأقل نصف الشعب اليمني، والحصول على هدنة لتعزيز وجودهم ومد نفوذهم وامتداداتهم.
وهكذا فضح لقاء جنيف خبث ومراوغات الحوثيين الذين ينفذون أجندة خارجية.