ثامر بن فهد السعيد
بنهاية الربع الأول من العام الحالي 2015 كانت أرباح القطاع المصرفي السعودي قد سجلت نمواً بنسبة 5% بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، حيث بلغت أرباح الربع الأول 11,1 مليار ريال سعودي وسجلت الموجودات البنكية نمواً بنسبة 8.8% لتتجاوز 2.1 تريلون ريال بنهاية نفس الفترة، كما بلغت قيمة الودائع في البنوك 1,6 ترليون ريال بنمو 9% عن الفترة السابقة،
أما عن محافظ الإقراض لدى البنوك فشهدت نمواً بنسبة 10.5 % لتبلغ قيمة محافظ الإقراض البنكية 1,2 تريليون ريال سعودي، واستمر النمو ليصل إلى محافظ الاستثمارات البنكية والذي شهد ارتفاعاً بنسبة 8 % لتبلغ 507 مليارات ريال بنهاية الفترة.
الأرقام أعلاه تمثّل المولد الرئيس للقطاع المصرفي لتحقيق الأرباح فالاعتماد على القروض, الخدمات, دخل العمولات الخاصة والاستثمارات جميعها تشكِّل مصدر توليد الأرباح للقطاع المصرفي.
يعتمد القطاع البنكي على النظرة الاقتصادية الحالية والمستقبلية في تطوير منتجاته وتحقيق مصادر الدخل فيه، ومن المعلوم أن المملكة العربية السعودية شهدت تصاعداً مستمراً في مستويات الإنفاق الحكومي ومشاريع التنمية، وهذا لا شك أن له أثراً على طبيعة أعمال القطاع، بالإضافة إلى أن لهذا القطاع أثراً في دعم بعض العجوزات المالية حال حدثت لاستناده على أرصدة وودائع كبيرة.
وتبلغ نسبة القروض إلى الودائع تقريباً 80 % ما يعطي محافظ الإقراض البنكية قدرة للنمو لمستويات 1.5 تريلون ريال سعودي بزيادة 300 مليار ريال عن الأرقام في الربع الأول 2015.
لا يخفى على أحد التركيبة المجتمعية الشابة للمملكة العربية السعودية، وأيضاً كوننا في المملكة مجتمعاً استهلاكياً من الطراز الأول، وهذا ما يجعل على سبيل المثال المستثمرين يدفعون قيمة أكبر للاستثمار في قطاع التجزئة في المملكة، وهذا ما تشير إليه أرقام الشركات المدرجة في تداول من هذا القطاع، وبالإضافة إلى ما يدفعه المستثمرون من قيمة مضافة للاستثمار في التجزئة، فإن الإحصاءات الدورية للقطاع المصرفي الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» أيضاً تذهب إلى هذا الاتجاه فالتقرير الإحصائي لـ«ساما» الصادر عن شهر مايو الماضي يشير إلى أن عدد البطاقات البنكية الصادرة في المملكة يبلغ 19.3 مليون بطاقة، وأن عدد أجهزة الصرف الآلي في المملكة العربية السعودية يبلغ 16,312 صرافاً، وأن قيمة السحوبات عبر شبكات الصرف الخاصة بالبنوك منذ بداية العام بلغ 179,6 مليار ريال, كما بلغ عدد عمليات نظام سداد 81,9 مليون عملية منذ بداية العام بقيمة تجاوزت 71,1 مليار ريال سعودي ويضاف إلى هذه الأرقام وحساب القروض قيمة استخدام المجتمع لبطاقات الائتمان وحجم ديونها التي تقارب 10 مليارات ريال تقريباً.
تُعد الأشهر من شعبان وحتى نهاية السنه الهجرية أشهراً نارية من حيث التكاليف المتراكمة فيها، وصعوبة إدارتها على غير المتمرسين أو المتثقفين في التخطيط المالي ومن يمتلكون ثقافة الادخار فانطلاقاً من مصاريف إجازة الصيف إلى الترتيب لشهر رمضان المبارك، ومن ثم التجهيز لعيد الفطر المبارك فالعودة إلى المدارس، ومن ثم التجهيز لعيد الأضحى وقد يتخللها استحقاق لإيجار المنزل بالإضافة إلى المتطلبات المعيشية الشهرية أمام كل هذه الأرقام من المتطلبات والاستهلاك والقوة الشرائية الضخمة والشريحة العريضة من فئة الشباب في المجتمع نجد أن القدرة على الإدخار ضعيفة وأن سلوك الإدخار ضعيف.. لا شك أن هذا يأتي في عوامل متعدده من ضمنها مستويات الدخل وتكلفة المعيشة إلا أن الوعي الادخاري في البلاد أيضاً ضعيف والدور التوعوي هنا أيضاً بسيط يتنوع بين مجهودات فردية ورعاية اجتماعية من مؤسسات مالية مثل ما يحصل في مشروع «ريالي» وهو برنامج يُعنى بالوعي المالي.. فلماذا لا تطور هذه المبادرات من وزارة التعليم لتكون منهجاً دراسياً يُساهم في التعليم والتعريف عن الادخار والتخطيط المالي وإن كنت أرى أن يكون في مرحله متأخرة من التعليم، وأيضاً لا بد من أن تساهم البنوك السعودية الإسلامية والتقليدية في هذا من خلال إيجاد برامج ومنتجات مصرفية تخدم المجتمع في بناء أرصدة ادخار لها، فبقاء البنوك والمصارف تستمتع بهذه الحسابات الصفرية دون تكاليف هو نوع من الدلال فيجب عليها تحفيز مطوري المنتجات والأعمال لبناء منتجات تساهم في ثقافة الإدخار.