رجاء العتيبي
الإرهاب يتبدل ويتغير، ففي كل عقد من الزمان تظهر جماعات وتغيب أخرى، يظهر قادة ويختفي آخرون، تظهر أسباب وتختفي أسباب، حتى المستهدفون يتغيرون، ففي كل مرة نرى مستهدفين غير السابقين.
أين الإرهابي الدولي كارلوس؟ أين ابن لادن، أين الظواهري، أين القاعدة؟ أين الجبهة الإسلامية؟ لا نعرف على وجهة الدقة، ولا نعرف كيف هي دورة حياة الجماعة الإرهابية، سوى أنها تنشأ فتية، ثم تكون في قمتها لفترة ثم تموت وتتلاشى، عبر دورة حياة قصيرة لا تتجاوز 10 سنوات.
صعود الشكل الإرهابي لفترة زمنية ثم تلاشيه مع الزمن يعني أنه (صناعة)، وأنه أتى بناء على مهمة معينة ينتهي بانتهائها، وترعاه - عادة - دول مكافيللية لا تعرف من الدنيا سوى (غايتها) بغض النظر عن (الوسيلة).
وإذا كانت الأجهزة الأمنية تقف بقوة في وجه الإرهاب، واستطاعت أن تحقق نجاحات كبيرة في ذلك، وتحديداً الأمن السعودي الذي بات خبيراً في القضاء على الإرهاب أياً كان مصدره، فإن ثمة إستراتيجيات (إعلامية) مساندة تتطلبها المرحلة تتعلق بهندسة الرأي العام.
فليس مهماً أن تعيد الإرهابي المسجون إلى جادة الصواب، ولكن المهم أن تعيد صورة الإرهابي في نظر المجتمع والناس بشكل يتفقون جميعاً على استنكار أفعاله وأقواله وأنشطته، فإذا استبعده المجتمع من حياته وباتت صورته مشوهة لديه لن يكون له تأثير ولن يحظى بدعم داخلي من أي فصيل وحزب واتجاه.
وأشهر الإستراتيجيات الإعلامية في ذلك التي أثبتت نجاحها، هي: كيف يمكن (إعلامياً) تشويه صورة الإرهابي وأفعاله وأقواله، واستثارة مخاوف الناس من هذا النوع من البشر، حتى الفئة المتعاطفة معه لأي سبب، وكيف يمكن تكرار هذا الطرح الإعلامي بصور شتى وعلى فترة زمنية طويلة، وبيان أهدافه السياسية، وكيف استغل الدين ليصل إلى مآربه.
الإعلام السعودي والخليجي لديه محاولات في هذا الجانب، ولكنها ليست على شكل إستراتيجية واضحة المعالم، ليست منظمة بما فيه الكفاية، ليست مدعومة بموازنات كبيرة، لم يُهَيَّأ لها الخبراء والمستشارون المتمكنون، تأتي كردود أفعال ثم تخفت بزوال المثير.
ليس هناك زمن نحتاج فيه إلى مفاهيم (هندسة الرأي العام) كما هو اليوم ، وفقاً لمنهجها الصحيح, وتزداد الأهمية في ظل مشاهدتنا لبعض المتعاطفين مع الإرهاب لدرجة الانخراط في صفوفه.