سعد الدوسري
من حق الكاتب أن يميل لنادٍ ما، لكن ليس من حقه أن يملي على الناس ميوله أو أن يروّج لها. فمن أبجديات المهنية الإعلامية أن يظل محايداً، من باب أنه ليس ملكاً لفئة دون فئة، بل لجميع القراء الذين قد يتفقون أو لا يتفقون مع ميوله. وتشهد تجربتنا الإعلامية أن معظم الكتّاب، حين يأتي الموضوع على الميول الرياضية، فإنه لا يستطيع أن يتمالك عواطفه، فيتحول إلى مشجع متحمس، وربما متحمس جداً.
أسجل هنا بإعجاب شديد، تجربة قلة قليلة جداً من الإعلاميين الذين نجحوا في مسك العصا من المنتصف، فتجدهم يفرحون لفوز أي فريق، ولو كان الفريق المنافس للفريق الذي يميلون إليه. ويكون هذا الفرح من أعماق القلب، وليس من طرف اللسان، بمعنى أن هذا الوعيَ الذي يمتلكونه وعيٌ مؤسس، منطلقٌ من حرصهم على أن تتشكل لدى المجتمع ثقافة حب وإنصاف وتعايش وتسامح، وخاصة في المجال الرياضي، الذي هو المجال الأكثر رحابة لاستيعاب كافة الشرائح والأطياف والأعمار والأذواق. ويجب أن يكون الإعجاب بهؤلاء الإعلاميين القلائل محفزاً لبقية الإعلاميين لكي يسلكوا نفس المسلك، وليسهموا في تشكيل الثقافة المرجوة. وعلى كل إعلامي ألاّ يحبطه بعض جمهور القراء أو بعض متابعي مواقع التواصل الاجتماعي، حين يسخرون من حياديته، ومن احترامه لكلا الفريقين المتنافسين، فمثل هؤلاء يعيشون كل تفاصيل حياتهم تحت راية «من هو ليس معي، فهو ضدي»، وهي راية ستحرقهم لا محالة.