د. أحمد الفراج
لعلكم تذكرون أن أحد الدعاة أشاد بأسامة بن لادن، وعندما ثارت ثائرة الناس عليه، برر قوله بأنه لم يكن يعلم شيئا عن حقيقة ابن لادن!!، وأكد أن بعض الإخوة أرسلوا له كتبا تبين تلك الحقيقة، وبالتالي كان لزاما عليه أن يعتذر، وكان هذا بعد سنوات من العبث الإرهابي، والذي وزعته خلايا القاعدة في كل أرجاء الوطن!!، كما أننا تابعنا الجرائم التي ترتكبها داعش، ومع كل ذلك، كتب أحدهم مدافعا عنها، وقال إن الدواعش إخوتنا بغوا علينا!!، ولكن بعد أن تفاقمت حوادث داعش الإرهابية، أصدر صاحبنا حكمه بكفر داعش!!، وكأن داعش ليست ذات التنظيم الذي كنا نشاهد جرائمه على الهواء، ونستنتج من كل ذلك أنه لا يحسن بنا أن نصدق كل ما يقال كردة فعل، بل يجب أن نبحث عن « موقف « واضح، وصريح تجاه مصطلحات « الإرهاب «، و « الوطنية «، فالمواقف الضبابية يجب أن تتوقف، فنحن نتحدث عن أمن، ومستقبل وطن !.
تذكرت اصحاب المواقف الانتهازية وأنا أتابع ردود الأفعال على قرار خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهو القرار الحازم تجاه كل من يتعدى على عهد، وسيرة الملك الراحل، عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، وكم كان غريبا أن يصمت كثير من المثقفين والكتاب والدعاة عن تلك الإساءات، أثناء حدوثها، رغم أن لهم منابر، كان باستطاعتهم من خلالها أن يساهموا في وقف ذلك العبث، ولكنهم آثروا الصمت، وما أن صدر القرار الملكي الكريم حتى هبوا جميعا، وكأنهم سمعوا للتو بما كان يجري منذ مدة غير قصيرة!!، فكيف كان يفكر هؤلاء، ولماذا صمتوا، وأين كانت ألسنتهم الحداد، ثم هل كان يخفى عليهم أن التعدي على رموز الوطن، خصوصا الشخصيات الاعتبارية الكبرى، خط أحمر، لا يجوز لأحد أن يتعدى عليه، واخيرا، هل كان يخفى عليهم أن التصدي لمثل هذه السلوكيات الشاذة هو أحد أهم رسائلهم للمجتمع، اذ ربما لو وقفوا وقفة كبيرة، لتوقف ذلك العبث، قبل استفحاله.
إن مثل هذه المواقف، بعد فوات الأوان، تعتبر شجباً بأثر رجعي، أو تسجيل موقف لا أكثر، أما الموقف الحقيقي فهو التصدي للإساءات لرموز البلاد، فور وقوعها، وفضح من يقوم بذلك، لأن مثل هذا يعتبر واجباً وطنياً، وردعاً لكل من تسول له نفسه القيام بذلك، فيا أصحاب المواقف الرمادية، والتلون، والشجب بأثر رجعي :» إن كنتم تعتقدون أنكم تخادعون الناس، فعليكم أن تدركوا أن الناس أذكى منكم بكثير !!»، فأعيدوا حساباتكم.