حميد بن عوض العنزي
** رحم الله سعود الفيصل أمير الدبلوماسية وشيخها ومهندسها وخبير عقدها وخفاياها. رحم الله رجلاً اجتمعت على حبه القلوب، وارتفعت الأيادي في أفضل الأيام داعية له بالرحمة والغفران، وأن يجزيه خيراً عما قدمه لأمته. الكل يعزي الكل، الوطن والمواطن، القيادة والشعب شعروا بمرارة الفقد. برحيل الفيصل يفقد بلدنا أحد رجالاته الذين أفنوا حياتهم في خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، قاد السياسة السعودية في أحلك الظروف، وتجاوز بها أصعب المنعطفات التاريخية.
** شكّل فقيد الوطن سعود الفيصل قمة السياسة السعودية بحنكته وخبرته التي تجاوزت الأربعين عاماً، وبالثقة المطلقة التي حظي بها من جميع ملوك المملكة الذين عاصرهم، ولم تأتِ تلك الثقة من فراغ بل من عمل دؤوب ومخلص. ولو قورنت أيام سفره بأيام إقامته لربما فاقت أيام سفره عدد أيام جلوسه في بيته مع عائلته. واصل عمله وهو في أشد ظروفه الصحية، وكان يتحامل على نفسه في كل الأوقات؛ فرغم حجم التعب والإرهاق والمرض الذي كان بادياً بوضوح في الفترة الأخيرة إلا أنه كان مخلصاً وحريصاً على أن يؤدي مهامه حتى آخر لحظة، حين حظي بقبول خادم الحرمين الشريفين بإعفائه من منصبه.
** الراحل كان يحظى باحترام كبير على المستويَيْن الإقليمي والعالمي، والجميع يشهد له بالحكمة التي كانت حاضرة دائماً على لسانه وأفكاره. يقول وزير خارجية أمريكا جون كيري: «لم يكن الأمير سعود أقدم وزير خارجية فحسب، لكنه كان من بين الأكثر حكمة أيضاً». فاللهم نسألك الرحمة والغفران لعبدك المخلص سعود الفيصل.