سمر المقرن
ليس من السهل استيعاب أننا في هذا الزمن قد نجد فتيات يتم إجبارهنّ على الزواج، لا أفهم كيف ترى أسرة هذه الفتاة المؤسسة الزوجية؟ وما هي نظرتها للعلاقة الإنسانية التي تربط رجل وامرأة لتكوين عالم جديد لهما؟ في حقيقة الأمر فإن صدور إحصائية عن وزارة العدل تفيد بوجود دعاوى في المحاكم تحت مسمى (الزواج من دون رضا الزوجة) فإن حدوث مثل هذه السلوكيات في زمننا هذا أمر محبط، إلا أن الجانب الإيجابي الذي يرفع من المعنويات هو وعي هؤلاء الفتيات بحقوقهنّ ولجوئهن إلى المحاكم في محاولة من كل فتاة لاستعادة حقها المفقود وإيقاف من يحاول التصرف بحياتها ومستقبلها عند حدوده، وأظن من المفترض أنه لا يتم عقد القران إلا برضا الفتاة، فكيف تم عقد القران؟ أرى أنه من المهم التحقيق والاطلاع على كافة الجوانب لمعرفة من هو المتورط مع ولي أمر الفتاة في عملية التزويج دون موافقة، وأهيب هنا بوزارة العدل أن تقوم بالتشديد على العاملين في وظيفة مأذون شرعي والذي يجب أن يتحمل المسؤولية كاملة لإجرائه هذا العقد بدون موافقة الفتاة!
الزواج ليس فيه مجال للتجربة، هو علاقة يجب أن لا تتم إلا بقناعة الطرفين فهو ليس حياة مؤقتة ولا تجربة يخوضها الشخص وتنتهي، فقد تنتهي وفيها أطراف خاسرة وهنا الخسارات لا يُمكن أن تعوّض.
أتصوّر أن من يقوم بمثل هذه السلوكيات من أولياء الأمور، لا يجب أن يخضع لحكم محكمة فقط، بل من المهم أن يتضمن الحكم عقوبة رادعة له ولأمثاله، وأن يكون هناك برامج توعوية إجتماعية ونفسية تبيّن لهؤلاء معنى مؤسسة الزواج، وما هي أهم المحاور التي تضمن استمراريته؟ وحق الفتاة في اختيار حياتها ومستقبلها والرجل الذي تضمن أنها ستصل إلى سن الكبر وهي معه تتكأ عليه ويتكئ عليها.
طريقة حياتنا ونهج الاختيار الدارج فيها هو من أوصل -بعض- البيوت إلى حالة مزرية من الانفصال العاطفي وعدم الشعور بالرغبة في الاستمرار أو حدوث الطلاق فعلاً، بل إن عدد حالات الطلاق صار أعلى من معدل حالات الزواج، لسبب بسيط هو أن طريقة الاختيار خاطئة، والمفاهيم حول مؤسسة الزواج قاصرة، والنظرة التي لا تفهم معنى الأمد البعيد.
في مجتمعنا نعاني من مشكلة (الحب) فهو أمر محظور ولا تقبل معظم العوائل أن يكون الارتباط الزوجي بعد علاقة مليئة بالحب، ولا تقبل أن تملأ أفئدة أبنائهم هذه المشاعر قبل الزواج، لذا حتى وإن تم الزواج بعد علاقة حب لا يمكن أن يعلن هذا الأهل ويعتبرونه شيئا من العيب أو العار الذي قد يلحق بالزوجين، مع أن العيب الحقيقي هو وجود أولياء أمور يزوجون بناتهم بالإجبار، والعيب أن لا يُعاقب هؤلاء، والعيب أن تبني العوائل حياة زوجية لأبنائهم وفقًا لأهوائهم لأن الحب عيب!