فهد بن جليد
أحمد الله دوماً أنني لا أعمل في قسم طوارئ في أحد المستشفيات، رغم أن العمل هناك قد يكون فيه مساعدة للكثيرين، وكسب للحسنات بمد يد العون للمُحتاجين للعلاج، ولكنني لم أقابل - حتى الآن على الأقل - شخصاً يعمل في قسم طوارئ، ويتمتع بهذه الروح؟!.
أنا أتحدث فقط عمّا نُشاهده في مُعظم أقسام الطوارئ في المُستشفيات، حتى يتخيل إليك أن من مواصفات تعيين موظف في قسم (طوارئ مُستشفى) ألا يتحدث إلا مُتجهماً، وأن يعاني من برودة أعصاب عجيبة، ولا مُبالاة كبيرة تجاه آلام الآخرين، وأن لا يتفاعل مع الحالات التي تلجأ لأقسام الطوارئ بالسرعة المطلوبة؟!.
أنا لا أبالغ، استطلع ما يحدث في أقسام الطوارئ في معظم مستشفياتنا أولاً، وتعرف على طوابير المرضى بسبب الزحام، وبطء استيعاب الحالات، خلاف الذين ينتظرون في (الأسياب) بحجة عدم وجود (سرير شاغر).. إلخ!.
يبدو أن المشكلة ليست في عالمنا العربي فقط، فقد سقطت الأسبوع الماضي عجوز تبلغ من العمر (64 عاماً) أمام مدخل الطوارئ في أحد مُستشفيات البرتغال، ولكن موظفي القسم رفضوا الاعتناء بها، مُطالبين المارة بضرورة الاتصال بسيارة الإسعاف، لنقلها إلى القسم على بعد خطوات!!.
وبعد أن ضجت وسائل التواصل الاجتماعي باستنكار الحادثة، علق مسؤول قسم الطوارئ بالمُستشفي مُطالباً بعدم المُبالغة، فالعجوز غادرت المستشفي بعد ثلاث ساعات، لأنّها لم تكن تعاني سوى من أوجاع في الرجل اليُسرى وخدوش!!.
بكل تأكيد هناك ضعف لدى المُجتمع في ثقافة (طب الطوارئ)، ومعرفة مفهوم أقسامه، ومتى يجب على المريض أن يذهب إلى قسم الطوارئ، وهو لا يملك حق استشارة ومراجعة (طبيب العائلة) عند الحاجة؟!.
قد يكون (طبيب العائلة) حُلماً لفك الاختناق؟ ولكن تكدس المرضى مسؤولية وزارة الصحة أولاً، التي يجب أن تدرس لماذا يقصد أصحاب الأمراض المُزمنة، والحالات البسيطة (أقسام الطوارئ)؟ مع أننا نعاني نقصاً في المُتخصصين في طب الطوارئ لدينا، والذي يُقال: إنه لا يتجاوز 1 في المئة من عدد الأطباء الذين يمارسونه في السعودية، رغم أننا ثالث بلد في العالم يُنشئ هذا التخصص مُنذ 16 عاماً، نتيجة تجربتنا السنوية مع موسم الحج والعُمرة؟!.
المُشكلة لا تقتصر على المُستشفيات الحكومية وحدها، فتلك الخاصة هي الأخرى تُعاني من ترهل (الخدمة)، وكأن عمل هذه الأقسام هو الترحيب بحاملي بطاقات التأمين، لأنهم الأكثر ربحية؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.