سعد الدوسري
تكاد الريح تقف بين يديه..
تلامس تلك النظرة في عينيه، وهو يرمق الأفق باحثاً عن جواب:
-لماذا يطرق العيد بابي كلَّ عام دون أن يؤنس وحدتي أحد؟! لماذا كنت وحيداً دوماً، لا أباً يغلّف اسمي، كما يغلف المطر فاكهة الشجر، ولا أماً تهدهدُ وحشة قلبي المنهمر خوفاً وقلقاً؟!
يدوّي العيد بضحكاته العالية، بعد مغرب الشمس.
يراهما يضحكان معاً، فيخنقه البكاء..
لكنه ككل عيد، يخرج من بكائه إلى ساحة الفرح المنتظر، حيث الحلوى والألعاب والهدايا البيضاء. يخرج من أسئلته اليومية إلى الأجوبة التي يكتبها العيد ذلك الصباح، لعلها تملأ الأفق، فتمحو كل نظرة ظلَّ ينظرها.
-ما يجعل العيد عيداً، هو الرفقة بكل الأطفال الذين لا يعنيهم أمر أبي وأمي، فكل آبائهم وأمهاتهم يفرحون مثلما نفرح، ويتركوننا نتأرجح في الهواء وفي الصراخ وفي المرح.
تسابق الساعاتٌ نفسَها في يومه الأول،
يحاول أن ينشب أظافره في الوقت، لكي يتوقف، أو أن يبطئ،
لكن المساء يلفظ أنفاسه،
فيعود يجرجر ذلك الهم الذي يطبق على قلبه، قبل أن ينام:
-ألن يصطحبني أحد إلى فراشي، فيراني وأنا أتهيأ للنوم، بعد هذا العيد، وهذه الحلوى، وهذه الضحكات التي ملأت السماء رنيناً؟!
لا يجيب أحدٌ على هذا السؤال.
يطرق بابَ وحدته، مثل ما يفعل كل ليلة،
يدخل، وهو يفكر بالمطر الذي يغلف الحلوى،
وبالهدهدة التي تبدد وحشة القلب.
يرتمي على السرير،
ليحلم بيوم آخر من أيام العيد.