رجاء العتيبي
قبل تعيين معالي وزير الإسكان الجديد (ماجد الحقيل) بشهرين، كان قد تحدث عن أزمة الإسكان لمدة 52 دقيقة، في برنامج بموضوعية تقديم وإعداد الاقتصادي / راشد الفوزان على قناة CNBC تطرق فيه لكل الموضوعات العالقة في أزمة الإسكان.
بدأ معالي الوزير ماجد الحقيل خلال اللقاء مستوعباً مفاصل المشكلة، وقدم تحليلاً اجتماعياً واقتصادياً للأزمة، منطلقاً من خبرته في مجال التطوير العقاري ومعرفته الدقيقة بخصائص المجتمع السعودي. وتكمن أهمية الأطروحات التي قدمها الوزير الحقيل، والرؤى الجديدة التي اقترحها، كونها جاءت متوافقة مع تطلعات المواطنين، حيث حظي اللقاء التلفزيوني بنسبة مشاهدة عالية قفزت من 7000 مشاهدة، قبل تعيينه وزيراً، إلى 50.000 ألف مشاهدة بعد التعيين خلال 14 يوماً تقريباً حتى كتابة هذا المقال.
كشف اللقاء عن عقلية فذة، ومنطق دقيق، وحلول واقعية، ورغبة في خدمة المجتمع، وهي معايير أساسية لكل شخص يرشح لمنصب وزير، إذ أشار الوزير الحقيل أن المجمعات السكنية التي تجمع ذوي الدخل المنخفض مع بعضهم، وفي حي واحد وتصميم مكرر، ينشأ معها اتجاه سلبي عام، بخلاف لو كان الحي السكني يقطنه أسر متفاوتة، الأمر الذي يحفز كل منها الآخر، وعلى اعتبار أن هذا النمط يتماهي مع سنة الاختلاف في الكون.
وقال الوزير الحقيل في اللقاء إن ثقافة المسكن في السعودية تحتاج إلى إعادة نظر، منتقداً المساحات الكبيرة المنتشرة في مساكن السعوديين دون أن يكون لها حاجة ملحة، عوضاً على أنها ترهق ميزانية الأسرة سواء أثناء البناء أو في صيانتها بعد البناء.
وقال إن فكرة (بيت العمر) فكرة خاطئة، فالمنزل الذي يكلف 3 ملايين لمرة واحدة، ويتقادم مع الزمن، يمكن أن تبني الأسرة بهذا المبلغ 3 منازل خلال 15 عاماً، وفي كل مرة تضع الأسرة تفاصيل جديدة لاحتياجاتها الآنية، وبعد كل 5 سنوات يكون لديها بيت جديد يتماشى مع الاتجاه السائد ويلبي احتياجات الأسرة في حينها.
وأكد الوزير الحقيل أن الأسعار تكون غالية أو منخفضة ليس قياساً على (سعرها) وإنما بقدرة المواطن على الشراء، فالهوة بين القدرة على الشراء وسعر الوحدة السكنية كبيرة في الوضع الراهن، وهذه واحدة من أبعاد الأزمة للإسكان، مشيراً إلى أن الحل (الاستراتيجي) هو إيجاد منتجات سكنية تتوافق مع القدرة الشرائية للمواطن وبتصاميم تتناسب مع تطلعاته.
هناك حلول عملية كثيرة كشفها الوزير الحقيل في اللقاء تستحق التنفيذ، لا يتسع المجال لذكرها هنا، ويمكن العودة للقاء للتعرف على مشروعه الطموح وتحديداً فيما يتعلق بعلاقة وزارة العمل بالمقاولين والمطورين، والمرحلة التي نعيشها الآن، هل هي مرحلة نمو أم مرحلة توسع؟ فلكل مرحلة منها قرارات وأنظمة ولوائح.
نتوقع في حقبة الوزير الحقيل، وانطلاقاً من ذهنيته الخلاقة، أن تحل مشكلة الإسكان بصورة نهائية، فالرجل يعرف المهمة الموكلة به، ويملك كل الأدوات القيادية لذلك.