محمد سليمان العنقري
قدمت الكثير من المقترحات بل حتى الدراسات لحلول الإسكان من المختصين على مر السنوات الماضية، وبمعزل عما أخذ منها بعين الاعتبار أو أهمل إلا أن المشكلة لم تتقلص بالرغم من كل ما توفر لوزارة الإسكان من إمكانات مالية وعينية وتنظيمية.
إلا أن، ما يهم الأسرة خصوصًا والمواطنين عمومًا، هو أن تضع الوزارة معادلة تحقق من خلالها توفير المنتج السكني بجودة وسعر مناسبين وإمكانية تملكه بوقت قياسي أيضًا خصوصًا للأسرة.
وإذا كان الدخل يراه بعض المختصين أحد الإشكاليات التي تقف عائقًا أمام تملك السكن نظرًا لانخفاضه قياسًا بأسعار الوحدات السكنية، إلا أن معالجة هذا الأمر لو افترضنا أنه السبب تعد مسألة شائكة، وتتطلب وقتًا ليس بالقصير، خصوصًا أنها مرتبطة بأهداف خطط التنمية ومدى فعاليتها بتنويع مصادر الدخل، وتوسيع الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد. إلا أن المشكلة ممكن قراءتها من الوجهة الأخرى وهي أن أسعار المساكن مرتفعة وتحقق ذلك بفترة قصيرة نسبيًا أي أقل من عشر سنوات، ولعل ارتفاع أسعار الأراضي يعد العامل الأبرز في ذلك لدرجة أوصلت تكلفة الأراضي لأكثر من 50 بالمئة من أسعار المساكن الفلل تحديدًا التي تعد المنتج الأكثر طلبًا للأسر بمختلف المناطق.
لكن بعيدًا عن الخوض بالمقترحات، لا بد أن تتحدد الاستراتيجيات التي تمثل خارطة طريق واضحة لكل الأطراف، وهو ما يعد الدور الرئيس لوزارة الإسكان في سوق تعد واعدة، ويمكن أن تحدث فارقًا إيجابيًا كبيرًا بالتنمية ليكون القطاع العقاري هو قائد النمو الاقتصادي بالمملكة. فالأسرة تريد تملك السكن، والمطور يريد بيئة واضحة يعمل بها، ولذلك، لا بد من الاستعجال بإقرار استراتيجيات توضح دور كل طرف، ومن المهم أن يبدأ العمل بالخطوط العريضة التي تتشكل منها خارطة السوق. فاقرار رسوم الأراضي كعامل مهم لدفعها نحو تطويرها وتنميتها، يجب أن يتزامن معه تيسير الإجراءات التي تخص اعتماد المخططات وايصال الخدمات الرئيسية لها، وكذلك النظر بالنطاق العمراني لكل مدينة بحسب احتياجها للتوسع فيه. أما ما يخص بناء الوحدات التي اعتمدت مبالغها لوزارة الإسكان بعدد 500 ألف وحدة، فيجب ان يأخذ شكلاً واضحًا، وأن ينفذ من قبل شركات عالمية لها تاريخ حافل بإنجاز مثل هذه المشاريع.
أما موضوع التمويل، فيجب ان يعالج بالسرعة المطلوبة ضمن الخطط الاستراتيجية، وأن يتم تحويل الصندوق العقاري لبنك، ويتم من خلاله قيادة سوق التمويل العقاري للأفراد وللمطورين، ويكون ذلك بالتعاون مع قطاع التمويل العقاري الخاص بتفعيل كل أساليب وأدوات التمويل التي تأخذ بعين الاعتبار كافة الشرائح بالمجتمع من حيث الدخل، وتوفر لهم الحلول التمويلية لمن يحتاجها دون أن يرهق ميزانياتهم لمواجهة تكاليف المعيشة. فمن يدفع إيجار اليوم يعادل 30 بالمئة من دخله يمكن أن يتحول هذا المبلغ باتجاه تملك السكن، مما يعد تعزيزًا لقوة الاستثمار للمواطن وتوظيفًا أفضل لأمواله بأن يتملك أصل يعزز من ثروته واستقراره بمختلف أنواع التمويل، بما فيها التأجير المتتهي بالتمليك، بالإضافة لتنشيط اذرع تمويلية مختصة بإعادة التمويل للقطاع التمويلي الخاص، مما يرفع من كفاءة استثمار الأموال بالسوق العقارية، ويعزز من الضمانات، ويوفر السيولة لكل الأطراف بمستويات مناسبة، ويقلل المخاطر في مجمل ما يتم تنظيمه لهذا السوق الكبير.
كُتب الكثير عن حلول الإسكان، وتم توفير كل الإمكانات المطلوبة، ولن أبالغ إذا قلت بأن ما خصص لبناء الوحدات قبل أربعة أعوام بمبلغ 250 مليار ريال بخلاف رأس مال الصندوق العقاري الذي قارب على 200 مليار ريال كلها كفيلة بايجاد ليس فقط حلولاً لتملك السكن بل تعد دافعًا كبيرًا لتحقيق معدلات نمو اقتصادي ضخمة، والمساهمة بتنوع الاقتصاد وجذب الاستثمارات له، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل الجيدة.