كوثر الأربش
على طريقة حكايات ألف ليلة وليلة، عندما يتحلق أفضل أطباء البلاد حول سرير الأميرة المصابة بمرض مجهول. الأطباء الذين يحك كل منهم ذقنه ويتكهن بالمرض، ثم يحكها ثانية فيخمن العلاج. ولكن في النهاية لا يعالج الأميرة سوى حبيبها الوسيم!
مجتمعاتنا العربية اليوم طريحة الفراش، وليس المنظرين والمختصين والمحليين احتاروا في علتها وحسب، إنما بدأ آخرون بالمشاركة في التحليل واقترح العلاج أيضا: المزارع في أرضه، وربّة المنزل، وسائق الحافلة و..الخ. نحن في خطر، يشبه صفارة حرب، أصبح من الضروري تسليح الصغار وقليلي الخبرة في الطوارئ، أثناء الحروب، وحين يُقتل الصف الأول من الجنود المدربين. فدعنا أيضا - أنا وأنت - نتكهن بالمرض. وقد أستفيد من وسم نشط في تويتر مؤخراً (أسباب تخلف المجتمعات العربية). هل التخلف هو علة وطننا العربي يا ترى؟ هل نشخص المرض، ثم نعالجه، ونرتاح من وضع الخطر المحدق بنا جميعا؟ حسناً. لنتصفح الهاشتاق قليلا: مغرد يصف نفسه بالشافعي يعزو السبب «أن الدين تحول إلى أحد عناصر الهدم، بعضهم يقدمه كمخدرات، وآخر يقدمه كمتفجرات» أما معمم عراقي معروف يقول» الشورى (يقصد السقيفة)، ثم نصف الشورى، ثم ملك الأكاسرة والقياصرة الكفرة». «تقليد الغرب» هذه تغريدة شخص يصف نفسه بالعروبي. وكالة أنباء فارسية، ومن حسابها على تويتر، استخدمت الهاشتاق للشماتة. وضعت خبراً عن تمكن إيران من حيازة قوة نووية رغم الحصار. مغرد يبدو أن حميته أثيرت، كتب: « لايوجد تخلف لدى العرب إلا عند الذي وضع الهاشتاق». واتفق معه مغردون كثر، أحدهم قال: «زي اللي سوا الهاشتاق». بينما كنت أتصفح الهاشتاق بفضول، وأحدثه كل دقيقتين، فكرت بجدية، في أن علة مجتمعاتنا العربية هي التخلف!
فهل أكثر من أن يعزو أحدهم تخلف العرب، للآخر الكافر الذي حرمنا من التقدم والحضارة؟ أو الآخر الغربي الذي سرق حضارتنا؟ أو الآخر الذي دس فتنته بين جدراننا، غرفنا وموروثنا؟ هل أكثر من أننا نحملق في الماضي لوضع علاج للمستقبل؟ أو نغرق في شتائمنا وتكفيرنا؟ أو ننتنكر أصلا لمشاكلنا؟
إذا كان الارتقاء هو القدرة على تطوير مهاراتك بما يناسب تغيرات الزمن، فالتخلف هو القصور عن ذلك. هو القصور عن التشخيص أيضاً، القصور عن رؤية الطريق، واقتراح الحلول، هو القصور عن كل شيء إلا الخصام!
في الحقيقة لن تموت الأميرة هذه المرة لأن العلاج بعيد، بل لأن الأطباء تناسوها واشتبكوا بالأيدي. والمضحك في الأمر، أن في غمرة جنون الخصام، تتقدم إيران، مقدمة نفسها بصورة الأمير الوسيم الذي سيحل كل مشكلاتنا!. نقول بالعامية: كملت!