د. عبدالواحد الحميد
يتعرض الكُتَّاب في كثيرٍ من الأحيان إلى سوء الفهم من بعض القراء المتسرعين الذين يكتفون بقراءة عنوان المقال وربما قراءة أسطر قليلة فقط من المقال ثم يخرجون باستنتاجات خاطئة ويطلقون تغريدات عبر تويتر أو تعليقات في المجالس انطلاقاً من فهم مغلوط تماماً للفكرة التي يرتكز عليها المقال! بعد ذلك تتوالى التعقيبات من آخرين لم يقرأوا حتى عنوان المقال وتتدحرج وتكبر مثل كرة الثلج وهي منذ البداية مغلوطة ولا أساس لها!!
كتب قبل أيام الزميل الدكتور إحسان بوحليقة مقالاً في جريدة اليوم بعنوان «الإمارات رفعت الدعم عن البنزين.. فهل نرفعه نحن؟». وقد فهم بعض القراء إن الدكتور بوحليقة يؤيد رفع سعر البنزين في المملكة لأنهم اكتفوا بقراءة عنوان المقال، فانطلقت عاصفة من التعليقات الغاضبة!
علق أحد المغردين بقوله: «أذكر الله يا رجل ودعك من الاقتراحات.
الناس عندنا أقل دخلاً من ناس الإمارات. قل خيراً أو أصمت». رد عليه الدكتور بوحليقة بتغريدة متسائلاً: «أمرت بخير، لكنك لم تقرأ المقال».
وهنا رد المغرد بقوله: «نعم أنا قرأت التغريدة ولم أقرأ المقال». هذا يعني أنه لا يعرف شيئاً عن المقال سوى عنوانه وأنه كتب تغريدته دون أن يكلف نفسه عناء معرفة محتوى المقال!
لكن الأنكى من ذلك هو ما ورد في تغريدة لمغرد آخر علَّق على المقال وصاحبه بإطلاق دعاء على النحو التالي: «الله يجعل من يبحث بمثل هذه المواضيع يضيق الله عليه معيشته بالدنيا ويظلم عليه قبره»!! فما الذي كتبه الدكتور بوحليقة لكي يستحق مثل هذا الدعاء؟
المفارقة هي أن الكاتب كان ضد رفع سعر البنزين، وقال بالحرف الواحد: «في ظل عدم توفر نظام للنقل العام داخل مدننا سيكون من الصعب التفكير عملياً برفع سعر البنزين، باعتبار أن تخفيض السعر كان في الأساس للتخفيف من تكاليف التنقل ذهاباً للعمل أو لنقل التلاميذ للمدارس أو ذهاب الشاب للجامعة أو لأغراض التواصل الاجتماعي والعمل على تنوعها».
واختتم الكاتب مقاله بقوله: « وهكذا نجد أن الحديث عن رفع سعر البنزين المستخدم في السيارات مبكر بالفعل، نظراً لافتقارنا لمنظومة متكاملة للنقل العام».
لا أعتقد أن هناك كاتباً لم يتعرض لمثل هذا الفهم الخاطئ الذي يبدأ بشكل عفوي ثم يترسخ في أذهان الناس من خلال النقل وتداول الإشاعات، وفي النهاية نجد الكثير من الآراء المنسوبة لأشخاص وهم براء منها.
ربما أن هذا جزء من العقاب الذي يتحمله الإنسان حينما يكون كاتباً يخاطب جميع الشرائح في المجتمع.