محمد أبا الخيل
منذ أيام فجع المجتمع السعودي بوفاة أم نتيجة إجهاد نفسي لعدم قدرتها إقناع عمادة القبول والتسجيل في جامعة تبوك على قبول ابنتها في تخصص الطب مع أن معدل ابنتها كان يؤهلها لذلك، وحجة الجامعة أن الفتاة عندما وضعت خياراتها بالتخصص وضعت الطب في المرتبة العاشرة والحاسب الآلي بالمرتبة الأولى فجرى قبولها في خيارها الأول، في حين أن الفتاة صرحت لقناة الأخبارية أن ذلك غير صحيح وأنه جرى التلاعب بخياراتها من قبل الجامعة، هذه الواقعة أتت لتوضح بجلاء معضلة قبول الطلاب والطالبات في خياراتهم و تبرز جانبا آخر طالما أغضضنا البصر عنه وهو تفشي الواسطة أو كما يحب أن يسميها أربابها بالشفاعة في قبول الطلاب والطالبات في تخصصات لا تتيحها لهم المعايير التي تضعها الجامعات, كثير من الناس يرى في هذا الأمر سلوك معتاد ومحتمل والبعض يرى فيه فساد وأنه لا يمكن قبول ذوي الشفاعات إلا على حساب آخرين لا يملكون الوصول لتلك الشفاعات، أنا أميل للبعض الذي يرى في ذلك فساد لابد أن يعالج قبل أن يستفحل ثم قد يستعصي علاجه.
جرى نقاش هذه الموضوع مع عدد من الأخوة في تويتر حول هذه الموضوع وما شكله من شحن عاطفي, وكان رأي أحد المحاورين أن يتخلى كتاب الرأي وأنا أحدهم عن المداخلات التي تمثل إتهام للجامعة بالتقصير أو بالخلل حتى تتبين الحقيقة وأنه لا يجوز إلقاء اللوم على الجامعة دون إثباتات وهو ما قد يقود لضرر مخل بسمعة الجامعة وسمعة القائمين عليها، وموقفي من هذه مختلف قليلاً فمن واجب كتاب الرأي هو استثارة المسؤول والتصعيد للمسؤولين الأعلى فذلك يخلق قناة غير رسمية تتسم بالصراحة والشفافية تسهم في تحسين الأداء العام للجهاز الحكومي، والرأي العام الذي يكتبه الكاتب ليس حكماً قضائياً بل هو إدعاء لا يقوم على الحقيقة بالضرورة وهذه سمة الرأي العام في كل بلاد العالم، وما ينتج عن هذا الرأي العام من أضرار غير مقصود هو للأسف أمر حتمي، لذا تهتم كثير من الأجهزة الحكومية والخاصة بدور المتحدث الرسمي وتضع ميزانيات كريمة في سبيل تحسين صورتها الاجتماعية كعلاج لحالة مثل الحالة التي أتحدث عنها أو كأجراء احترازي لتقليل أثر حوادث أخرى قد تحدث بالمستقبل، فلا شك أن الخطأ وارد في كل عمل إنساني مهما بلغ التحرز و التجويد في العمل.
أتمنى ويشاركني الكثير من المواطنين أن تعالج مشكلة القبول في الجامعات ويوضع نظام ومعايير تضمن الشفافية وتبين المسؤولية بحيث تسود القناعة لدى أهالي المتقدمين بعدالة القبول وبالتالي يتخلى كثير منهم عن البحث عن شفاعات تمثل إحراج للشافع والمستشفع، فنحن مجتمع لازالت النخوة تمثل قيمة اجتماعية سامية.