د. عبدالرحمن الشلاش
الموسم السياحي ملتهب حاليا في القارة الأوربية، فلا تكاد تذهب لمكان إلا وتصافح آلاف الوجوه من سحنات مختلفة ومن دول كثيرة جدا، من شرق آسيا ومن الأمريكتين، ومن البلاد العربية، والمؤكد أنك ستجد الخليجيين في رأس القائمة، فالكثير وجهوا البوصلة إلى أوربا حيث عوامل الجذب من طبيعة وأجواء باردة وصناعة سياحية راقية، ولا أحد يلومهم فالسياحة الداخلية متأخرة وغير قادرة على المواكبة أو على الأقل تقديم برامج مقنعة.
من حيث العدد تأتي العائلات السعودية في الصدارة فعشرات العائلات يقابلونك أينما ذهبت وأغلبهم يتكاثرون في الأسواق والمقاهي والمطاعم والأماكن الترفيهية والحدائق. يزورون المدن والقرى معظمهم يجوبون دول الاتحاد الأوربي في ألمانيا والنمسا وإيطاليا وغيرها. رغم الفاتورة الباهظة التي ستدفعها كل عائلة في السكن والمواصلات والمعيشة وأماكن الترفيه، وتصل فاتورة المصاريف إلى أرقام قياسية تكسر ظهر رب العائلة إذا كان لحافه قصير وتهور فمد رجليه أكثر من اللازم رغم ذلك فبعض العائلات لا يقنعهم السكن في فنادق أو شقق متوسطة الفخامة من فئة ثلاث أو أربع نجوم، أو الأكل والشرب في مطاعم ومقاهي تقدم خدماتها بأسعار معقولة على مستوى أوربا طبعا، كما تأنف تلك العائلات الركوب في النقل العام مثل الباصات والمترو فيلجئون لاستئجار السيارات الخاصة، وربما وقعت بعض العائلات في أفخاخ نصابين وأغلبهم للأسف عرب ومن جنسيات من بلدان إسلامية فجذبوا لشباكهم كل مغفل أو جاهل بطبيعة تلك البلدان أو مدعي معرفة سقط من حيث لا يدري فأدرك متأخرا أنه قد وقع ضحية لغروره.
أثناء مروري في أكثر من دولة لاحظت تباينا صارخا فبعض العائلات تظهر عليهم علامات الثراء أو على الأقل لديهم القدرة على تغطية المصاريف مهما بلغت وهؤلاء لا خوف عليهم ولهم الحق في الاستمتاع والصرف طالما أحوالهم متيسرة، بينما تجد عائلات أخرى لا يبدو عليهم أي أثر لثراء أو وضع مادي جيد ورغم ذلك يصيفون في أوربا وغيرها هؤلاء بالذات يثيرون اهتمامي ويطرحون في ذهني تساؤلات ومنها كيف يستطيعون تحمل الغلاء رغم أوضاعهم الاقتصادية المتدنية.
قبل أيام أطلق خبير اقتصادي سعودي تصريحا أوضح فيه أن حوالي 60% من السعوديين يملكون مساكن خاصة وأن البقية مستأجرون ولم يتمكنوا من شراء مساكن وأن بعضهم يستدينون كي يسافروا للسياحة في أوربا. كأن هذا الخبير بتصريحه قد أجاب عن كثير مما في ذهني. للأسف رغم أن الأولوية للسكن وأمور أخرى في حياة كثير من الأسر السعودية التي تسكن بيوتا بالإيجار إلا أنها قلبت أولوياتها للصرف على كماليات الحياة وأشياء في ذيل قائمة الأولويات ومنها السفر غير الضروري لمن لا يقدر على تحمل مصاريفه وخاصة في بلدان اليورو أو الدولار مطبقين المقولة الشعبية « فلها وربك يحلها «. حملهم على ذلك الضغط العائلي كي لا تكون الأم وبناتها وأولادها أقل من غيرهم وهذا الفعل هو ما يسمى بالمباهاة والتفاخر الذي أدى إلى أن ترزح كثير من الأسر تحت ضغط الديون والأقساط فالسفر والسيارة على حسب الديون وإذا لم تبادر تلك الأسر لتصحيح مساراتها فستعيش على بسط الفقر طيلة العمر.