د. حسن بن فهد الهويمل
هذه حال المملكة، عند من أصيبوا بالقابلية للاستعمار. تعطي، ولا تأخذ، وتحسن، ولا تسيء. ويُعتدى عليها، ولا تعتدي. وتملك كسر العظم، ولكنها لا تفعل.
ولتأكيد ذلك فإن علينا أن نضع [إيران]
...وما تفعله مع شعبها، ومكوناته المتباينة، ومع من حولها من دول الجوار، و[المملكة العربية السعودية] وما تصنعه، تحت المجهر في الداخل، والخارج. ثم لنَنْظُر الفرق، بين دولة ما وطئت أرضاً إلا أشعلت الفتنة فيها، وجعلت أعزة أهلها أذلة، وحَمَلَت الأخ على قتل أخيه. وأخرى تهمي كالغيث، أينما حَلَّت أنبتت.
أصابع المجوس الروافض تحركت في [العراق] فدمرته، وأفنت أهله: شيعة، وسنة، وأكراداً، وأدخَلته في دوامةٍ كـ(الحلقة المفرغة)، وفي حرب أهلية شرسة.
وتحركت في [الشام] فلم تفرق في القتل بين مكوناته، ودمرت ما فوق أرضه. واندست في [لبنان] من خلال [حزب الله] فسلبت الأمن، والاستقرار، ومزقت التوافق، والمحاصصة.
ودبت كالوباء في [اليمن] فأضافت إلى مصمياته مصميات أشد، وأعتى. وموقف العالم من كل ما تفعل، يراوح بين التعذير، والتبرير، والتهوين.
أليس ذلك كله ناتج لعب ذكية، غير زكية، ومؤامرات ماكرة، وغباء مُعَتَّق.
قد نسرف في الإحالة إلى [الغزو] و[التآمر]. ونبرر ما نحن فيه، ونبرئ أنفسنا مما آلت إليه أمورنا. وهذا إغراق، واستغراق، قد يطيل زمن القابلية للاستعمار.
يُجْمِع الأغبياء على أن تدخل إيران في العالم العربي لمناصرة الشيعة العرب، واستعادة حق المستضعفين.
والحق أن العنصر الفارسي يضمر الحقد ضد العرب: شيعة، وسنة، وحوثية.
منذ اغتيال الخليفة الراشد [عمر بن الخطاب] والتاريخ الفارسي حافل بالمواجهات ضد العروبة، مستخدماً العاطفة الطائفية.
ولو قرئ التاريخ الفارسي المجوسي بعيون واعية، لانكشفت الأهداف العنصرية المجوسية.
ولكي أذَكِّر المخدوعين، أدعوهم إلى قراءة التنازع بين [أذربيجان] و[أرمينيا]، لقد ناصرت إيران [أرمينيا] وهي نصرانية على [أذربيجان] وهي متشيعة، لحسابات، لا علاقة لها بالطائفية التي اتشحت بها مع شيعة العرب المخدوعين.
انتصار الدسائس الإيرانية ليست لقوة فيها، وإنما هي ناتج ضعف في السياسة العربية، واضطراب في المفاهيم، وقابلية للإذعان.
المكون السكاني الفارسي محاط بمكونات أخرى متأذية منه. والمكون السكاني في الشعب الإيراني قابل للاختراق، فالأعراق، والنحل، والملل مهيأة للانفجار، ولم تفعل دول الخليج ما تفعله إيران.
إيران التي امتدت دسائسها، ومؤامراتها في مفاصل الأمة العربية، وجدت أجواء مناسبة، وأوضاعاً قابلة لنفاذ التآمر، ومواطأة من دول الاستكبار.
ولو أن العالم العربي مارس الدسائس نفسها مع المكون الإيراني، لأحدث تصدعات، لا طاقة للفرس على صدها. قد يكون هذا مشروعاً مؤجلاً من قبل دول الاستكبار اللاعب الأكبر.
وحين تَحْكُم الواقعَ عوارضُ زائلة، يكون بإمكان الأمة العربية ترتيب صفوفها، واجتياز محنتها، والتصدي للتحدي الصفوي.
يقال إن الصهيونية، والرأسمالية حليف [إستراتيجي] لـ [إيران]، وأن [أمريكا] قدمت [العراق] هدية متواضعة لها.
والحق أن التقارب الإيراني الأمريكي، يحسب على اللعب المزدوجة. فـ [أمريكا] تريد إنهاك الأطراف كلها: شيعة، وسنة، عرباً، ومجوساً، ومن ثم تراوح بين الأدوار بالقدر الذي يمكنها من تآكل كل الأطراف.
فالغزو، والتآمر الذي يضيق من استحضارهما القابلون للاستعمار، يتمثلان في الصراع العربي الإيراني الذي سيظل بين جزر ومد، بحيث لا ينتصر أحد الطرفين على الآخر.
وكيف لا تتبدى لنا قذارة اللعبة، وأحد زعماء إسرائيل يرى أن تدمير [العراق]، و[سوريا ] يعادل عنده المفاعل النووي الإسرائيلي.
إننا بحاجة إلى إعادة قراءة الأوضاع، وترتيب أمورنا: سنة، وشيعة، لمواجهة هذا الغزو، والتآمر. وعلينا ألا نمارس الإسقاط، والهروب من المسؤولية. فنحن الذين فتحنا شيهة الأعداء، وصنعنا أمجادهم بجهلنا، واستجابتنا.
إن بإمكاننا إيقاف النزيف المجاني. فالمحصلة من هذه الفوضى المدمرة تصب في أوعية أعدائنا. وحتى اللاعب الوسيط [إيران] لم يدفع بأبنائه إلى أتون الحرب.
نعم تنفق [إيران] على الحروب البينيةِ من خبز الجائعين، ودواء المرضى، وتفرغ حقدها الدفين على العنصر العربي: سنة وشيعة.
والأغبياء من الشيعة العرب يصدقون الدعاوى الكاذبة، لأنهم لما يزالوا مأخوذين بالقابلية للاستعمار.
إن على شيعة العرب أن يعرفوا كم هو الفرق بينهم وبين شيعة المجوس، وكم هو الفرق بين التشيع المسيس، والتشيع المتسامي فوق الطائفية.
إننا لكي نجتاز المآزق، لابد من إعادة القراءة لكل ما هو قائم، والسعي لاتخاذ [إستراتيجية] تنبذ الفرقة، وتستبعد الخوف من بعضنا، وتصوغ ميثاق شرف يحرم القتل، والتدمير، ويعيد الفصائل كلها إلى موائد المفاوضات.
لا نريد ظلم ذوي القربى، ولا الأثرة، ولا التفريق بين الأطياف، ولكن مع هذا كله، يجب أن يعرف كل طيف حقه المشروع، ومكانه المناسب.
عند ذلك نوقف الانهيارات، ونقطع السبل على أعداء الأمة العربية من مجوس حاقدين، وصهاينة مجرمين، ودول استكبار متغطرسة.