محمد الخنيفر
يبدو أن ذلك الزمن الذي يُحدد فيه ذلك المصرفي الأشقر أسعار الفائدة العالية على قروض شركاتنا العملاقة قد ولَّى بلا رجعة.. ويبدو أن أبناء وطننا الذين يعملون في إدارات الخزانة قد بدؤوا يستفيدون مما تعلموه في الخارج، وكذلك مما اكتسبوه إبان احتكاكهم مع البنوك الدولية أو الخبرات العالمية من الموارد البشرية التي تعمل إلى جانبهم.
ففي السابق، عندما تريد إحدى شركاتنا أن تقترض بالدولار، نقوم بالاستشهاد بتكلفة الاقتراض الذي قامت به تلك الشركة العالمية والتي تعمل بنفس القطاع الذي تعمل به الشركة السعودية.. أما الآن، ولأول مرة في تاريخ الشرق الأوسط، ستقوم شركات النفط العالمية بالاستشهاد بأرامكو عندما نجحت في اقتناص تسهيل ائتماني احتياطي بقيمة 6 مليارات دولار، وفائدة منخفضة قدرها 12 نقطة أساس فوق الليبور (المصدر: جلوبل كابيتال) ولتتفوق بذلك على عملاق النفط العالمي إكسون موبيل والتي اقترضت بفائدة تصل إلى 15 نقطة أساس فوق الليبور قبل سنتين.
وبحسب ما تناقله المصرفيون في مارس المنصرم، فإن أرامكو قامت بتدبير ذلك التسهيل الائتماني بنفسها، وذلك عندما نسّقت مع 27 بنكاً مرة واحدة!.. أي أن أرامكو، بحسب المصدر ذاته، لم تدع البنوك الدولية تحصل على رسوم لقاء تنظيم ذلك التسهيل الائتماني!.. إن عملاق نفطنا العالمي يُعلِّمنا، بلا شك، فنون التفاوض مع البنوك الدولية، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بتسعير القروض والسندات.
شركة الكهرباء.. على خطى أرامكو
أتذكَّر في 2013 أنني كتبت زاوية تحليلية في نفس هذا المكان، وكانت بعنوان: «هل شركة «الكهرباء» لا تعرف كيفية تسعير صكوكها العالمية؟».. (23 أبريل - العدد 14817).. وملخص تلك الزاوية أن شركة الكهرباء كان بإمكانها الحصول على تسعير أرخص لصكوكها مقارنة مع ما حصلت عليه.. تذكرت تلك الزاوية، وأنا أقرأ بشغف وفخر تذمر البنوك الدولية من مطالبات الكهرباء بأن تحصل على هامش منخفض لقرضها القادم هذه السنة.
فقد طلبت الشركة السعودية للكهرباء، إبان جولة مفاوضاتها مع البنوك الدولية، دفع هامش يُراوح بين 35 نقطة أساس و50 نقطة أساس على سلة قروض قد تصل إلى 5 مليارات دولار أمريكي، حسب مسؤول مصرفي على دراية بتلك المحادثات.
وأوضح المسؤول المصرفي أن الجهة التي تحاول الاقتراض قد سعت نحو النزول إلى مستويات الأسعار الممنوحة لشركة أرامكو.
ما حصلت عليه أرامكو، وما تحاول أن تحصل عليه الكهرباء، جعل ذلك المصرفي يخرج عن طوره بعد أن وصف تلك الأسعار «بالجنونية»، وأضاف بأن ليس لديهم تفسيرٌ يبرر به تلك الأسعار.. ما يقصده ذلك المصرفي هو أن تسعير القرض يكون بحسب المتانة الائتمانية للشركة.. فإذا كان التصنيف الائتماني لها عالياً، حصلت على فائدة منخفضة والعكس صحيح.. وبحسب هذا المصرفي، فإن التسعير المنخفض الذي تطلبه الكهرباء لا ينسجم مع تصنيفها الائتماني.. ولكن يبدو أنه قد غاب عن ذلك المصرفي أن الكهرباء تتشابه مع أرامكو من حيث ملكيتها (74.3% للحكومة، 6.9% لأرامكو، 18.8% للأفراد والشركات)، وهذا ما يُبرر مطالب الكهرباء بأن تحصل على تمويل منخفض التكلفة مقارنة مع أرامكو.