فاطمة العتيبي
مباراة السوبر التي أقيمت في لندن بين النصر والهلال، كان بإمكانها أن تظل مجرد مباراة، لولا ما تحدثه تاء التأنيث من تأثير كبير في ذهنية المجتمع السعودي، فتحولت المباراة التي أقيمت لأهداف ربحية مشروعة في المدينة الباردة المكتظة صيفاً بالمهاجرين الفارين من سخونة وصمت الصيف الخليجي.
لكنها نقلت سخونة الصيف إلى الحوارات التي دارت بعدها فكشفت عن حوارات ثقافية كبرى تتعلق أولاً بوعي المجتمع بالحرية الشخصية كما تتعلق بمستوى الحوار والمفردات المتداولة حين يرتبط الموضوع بالمرأة.. ففي نظرية التداولية اللغوية ينظر إلى الكلمات وما وراءها ومدى تكرارها على كافة المستويات الثقافية.
فمثل ما تكررت كلمات الشرف والعار والأخلاق والتحرر والهاوية والتغريب والانزلاق التي رافقت كل قضية تكون النساء طرفاً فيها فإنها تعود مجدداً للحديث عن مؤامرة تحاك على المرأة السعودية تارة في دخولها في المدارس أو دخولها مجال العمل أو ابتعاثها للدراسة في الخارج أو حضورها لمباراة كرة قدم.
وهي مؤامرة لم تتغير أركانها من أكثر من خمسين عاماً حين ثارت حفيظة البعض ضد تعليم المرأة وظلت تثور على كل حضور نسائي في المشهد العام سواء عظم شأنه كالشورى والمجالس البلدية أوكان لأمر صغير وتافه كالتحاق فتيات في وظيفة بائعة في محال نساء أو حضور بضع فتيات برفقة أهاليهن لمشاهدة مباراة في دولة بعيدة وقوانينها ترى ذلك الأمر من سلوك المرأة المحافظة.