د.موسى بن عيسى العويس
نعم بكل اقتدار وحكمة وحنكة حققه (سلمان) لنعيد معه الموروث الأدبي الذي عبر عنه الشاعر بقوله:
إذا مات منا سيدٌ قام سيدٌ
قؤول لما قال الكرام فعولُ
*من الأحلام ما يتحقق، اتحاد الخليج فكرة، أو رؤية، أو مشروع الملك (عبد الله بن عبد العزيز) نادى بها بصوت مرتفع، رغم معاناته أواخر حياته من تقادم السنين، وتعاهد العلل والأمراض على جسده، أطلق الدعوة بين الرجاء والتحذير من خطورة المستقبل، وما يحمله من تحديات لدول وشعوب المنطقة بأسرها. إنها عزيمة الرجال، والعمق في تفكير القائد .ذلك القائد الذي وجد في خلفه (سلمان بن عبد العزيز) سمات أخرى، تتمثل في الحزم، والعزيمة، والإصرار، والوفاء في أكثر من موقف، على المستوى المحلي والدولي.
*مهما كانت درجة التشاؤم، ومهما أرجف المرجفون، وتعالت أصوات المخذلين فالخليج حالياً، وبعد (عاصفة الحزم) أقوى وأفضل وأكثر اتحاداً من سابق عهده، وليس مؤشر الوضع المالي، أو الاقتصادي هو المحك في كل شيء. الأهم هو استعادة الثقة، والقوة المعنوية للحكومات والشعوب، وبعض المواقف والقرارات تحتاج إلى تضحيات، لأجل الكرامة والعزة والسيادة. والأزمات أحياناً والأحداث قد تكون سبباً في يقظة الشعوب والحكومات. هذا ما حدث بالفعل في (دول الخليج العربي) خلال السنتين الماضيتين، وقد يكون الاتحاد بهذه الصورة الذي لن يتوقف عند هذه الخطوات من أكبر المفاجآت لعدو متربص، يكيد المكائد للآخرين.
* عاصفة الحزم، وهي من أول ثمرات مشروع (اتحاد الخليج) أعادت الثقة، وجددت الأمل، بعد ذلك الاهتزاز والاضطراب الذي خامر نفوسها وأحاط بها إبان ما يعرف بـ(الربيع العربي) الذي لازالت ارتداداته قائمة، والمفترض أن نكون عند مستوى المسؤولية في مقاومة تبعاته. فشعوب المنطقة في ظل هذه الظروف مطالبة أن تغير من نمط حياتها وسلوكها المعيشي، والحزم لا يمكن أن يأتي من طرف واحد، وطبيعة التغيير يحتاج إلى تضحية، لنستشرف مستقبلا أكثر أمناً وطمأنينةً.
* في الخليج أو غيره، اتحاد الدول وقوتها، وارتفاع المعنويات عند الشعوب يضع مستقبلا جديدا يملؤه الجد، والإخلاص، والتفاؤل، والقدرة على الإنتاج والمنافسة، بل والاستقلالية في الرأي، ولنتخيل خلاف ذلك لشعوب افتقدت مثل هذه المقومات.
* أكاد أجزم أن ما يعرف بـ(الربيع العربي) على ما جرّ على المنطقة بأسرها من ويلات، ومحن، وكوارث، وحروب، وقلاقل إلا أنه كان بمثابة الصدمة المفاجئة والكبيرة التي أيقظت شعوباً وأسقطت أخرى، والإرهاصات تنبئ عن قوى قادمة متحدة في الشرق الأوسط، أساسها (دول الخليج العربي) وستقود هذه القوة إن صحت العزائم، وهذا ما نأمله، أقول: ستقود كيانات أخرى ستجد نفسها مضطرة للالتفاف مع هذه القوة الفتية التي لم تكن في يوم من الأيام، في حال حربها أو سلمها مستغلة مصادر قوتها للإضرار بأي مجتمع أو دولة، ولن تكون مصدّرة القلاقل والفكر الثوري إلى بلدان أخرى، بل ستقود مبادرات كبيرة للتعايش بين الدول والشعوب على اختلاف أجناسها وأعراقها ونحلها ومللها. دول قبلت من قبل وستقبل بالتعددية على أكثر من مفهوم، لأنها في هذا المنهج تستمد ذلك من ثقافة وحضارة وموروث إسلامي راسخ قادت به العالم في بعض مراحل التاريخ، والتاريخ مهما كبا أو تعثر سيعيد نفسه في يوم من الأيام.