أ. د.عثمان بن صالح العامر
سؤال مطروح في الشارع السعودي ومن جل الأطياف وعلى جميع المستويات.. ترى ماذا قدمت هذه المؤسسة الحكومية ذات المسئولية المباشرة عن شريحة الشباب السعودي لفلذات أكبادنا الذين يتخطفون ذات اليمين وذات الشمال وهم في سن المراهقة؟ حتى على مستوى التصريحات والخطط والدراسات ما زال هناك بون شاسع بين الواقع والطموح، فضلا عمّا هو في واقع الميدان وداخل الأندية الرياضية التي تعد الأذرعة الفعلية لهذا الكيان السعودي المهم.
أحيانا يتبادر لذهني أن هناك خللا بين الرؤية والرسالة والأهداف التي يعمل عليها وينطلق منها ويخطط على ضوئها منسوبو الرئاسة ومسمى الكيان الذي ينتمون إليه وظيفياً، ذلك أن من أبجديات التفكير المنطقي الواعي أن الشباب ليس رياضة فحسب فضلا عن أن يكون كرة قدم!!! وحتى في هذا ما زالت الرئاسة تسجل أرقاماً مخجلة، وتتراجع تراجعاً غير مبرر في كل عام، رغم ما يدفع من مال ويبذل من جاه، ولو تعمق المحلل للواقع الرياضي السعودي لوجد أن الاهتمام بلعبة كرة القدم متركز على الأندية الكبرى ودوري جميل والأولى.
إن الرئاسة مدعوة في هذا الفترة التي تمر بها بلادنا المعطاء إلى أن تجعل من الأندية بيئة جاذبة لجميع شباب المجتمع السعودي وقراءة هوياتهم، وتنمية ملكاتهم وتلبية رغباتهم، والتفكير في إمكانية توظيف إبداعاتهم فيما يخدم مجتمعهم ويملأ فراغهم ويحفظ عليهم توازنهم الفكري، ويضمن سلامتهم العقدية والنفسية والاجتماعية و...
ولعل من أنجع السبل وأيسرها وأعلاها في هذا الباب الوطني المشرع عقد شراكات فعلية بين مؤسسات التعليم، خاصة الجامعات السعودية والرئاسة العامة لرعاية الشباب لوجود قواسم مشتركة بين المؤسستين، ولإمكانية توظيف الطاقات والقدرات والإمكانيات بما يعود بالنفع على الوطن ، كما أنني أزعم أن مراكز الأحياء فكرة رائدة ورائعة، وما زالت - رغم كل ما قدمته - بحاجة ماسة لمظلة رسمية تولي فئة الشباب الرعاية والاهتمام، والمرشح الأقوى في نظري هو الرئاسة محل الحديث، إضافة إلى أن الملاعب التي تولت الأمانات والبلديات مشكورة إنشاءها وسط الأحياء صار البعض منها عبئاً ووبالاً على أهل الحي وسكانه، وإذا لم تتول جهة حكومية معتبرة ومهتمة بهذا النوع من الأنشطة الإشراف عليها ومتابعتها فقد تصبح يوماً ما مجمعاً للشباب الذي يعده أولياء الأمور خطراً يهدد أمن حيهم ويضر بسلوكيات أبنائهم ويفسد عليهم راحتهم واستقرارهم.
مبدئياً أرى أن ينعقد في رحاب الرئاسة العامة لرعاية الشباب مؤتمرٌ يشخص الواقع الشبابي ويقرأ سيناريو المستقبل، ويخطط لردم الهوة وتقليل مسافة الفجوة، ويوزع الأدوار ويحدد المسئوليات ويضع النقاط على الحروف، ويوجد التوافق التام بين الاسم والمسمى، سواء على مستوى الرئاسة أو الأندية التي تجاهلت كلياً كونها مؤسسة ثقافية واجتماعية كما هي رياضية، ويدعى له - للمشاركة والتفاعل - جميع المؤسسات والهيئات المهتمة بهذه الشريحة الغالية على الجميع، سواء أكانت حكومية أو خاصة أو أهلية.
لقد عقد الكثير من الكتاب والمنظرين والمتابعين للشأن الرياضي في المملكة العربية السعودية آمالاً عريضة على صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن مساعد الرئيس الحالي لرعاية الشباب، ومع يقيني الجازم أن سمو الأمير يدرك حجم المسئولية، ويعي دقة المرحلة، ويعلم احتياجات الأندية حتى تصبح كما ينشدها كل ولي أمر حريص على أبنائه مهتم بتنمية مهاراتهم ومواهبهم الرياضية والفنية والثقافية و... فإن المسئولية الوطنية المشتركة والهم الكبير الذي نحمله جمعياً إزاء الشباب السعودي اليوم دفعاني لتسطير هذه الكلمات.
أعلم أن هناك من سيقول إنه ليس من وكد الرئاسة ما تشير إليه منذ ميلاده وحتى تاريخه، ولهؤلاء أقول: نحن في ظرف استثنائي، ومسئوليتنا عظيمة خاصة تلك المؤسسات التي تباشر مهامها في الوسط الشبابي.
أعرف أن علاقة الأندية بالرئاسة تختلف عن علاقة المدرسة بالوزارة؛ فالجمعية العمومية وأعضاء الشرف ومجلس الإدارة هم من يرسم إستراتيجية النادي ويصنع قراراتها غالباً، ومع ذلك فهم يتلقون ما يأتي من الرئاسة بالعناية والاهتمام، خاصة ما كان له صلة مباشرة بالشأن الوطني والأمن الداخلي والوقاية والحماية لشباب الوطن الغالي.
بقي أن أشير إلى موضوع مهم ويحتاج إلى مدارسة ونقاش داخل أروقة الرئاسة وعلى الفور، ألا وهو (الأمن الرياضي) الذي سأكتب عنه في لقاء قادم بإذن الله على ضوء ما انتهى إليه مؤتمر شرطة دبي الدولي الخامس (الرياضة في مواجهة الجريمة) الذي كان هذا العام تحت شعار (رياضة بلا انحراف)، دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.