د. عبدالرحمن الشلاش
الأحد القادم يتوجه آلاف الطلاب والطالبات في بلادنا لجامعاتهم ومدارسهم لبداية عام دراسي جديد. العام القادم يختلف بتغيير مسمى الوزارة إلى وزارة التعليم بعد ضم وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم، هذا التغيير سيجعل الجميع بانتظار ما ستسفر عنه تحركات الوزارة لتقديم عام دراسي مختلف من خلال تطوير عناصر العملية التعليمية وليس فقط تغييرا في المسميات.
دعونا نستبق النتائج لنستعرض الواقع الحالي للوزارة وأبرز مظاهره لنصل في نهاية الطرح لحلول قد تسهم في تطوير التعليم ليس لعام واحد وإنما لأعوام قادمة. أوضح مظاهر الواقع الحالي التضخم الكبير لجهاز الوزارة الحالي وهو ما أدى إلى توسع نطاق الإشراف أكبر من الحدود المعقولة وتمدد أطرافها ليشمل هذا النطاق الإشراف على ثلاثين جامعة حكومية غير الجامعات والكليات الأهلية والمبتعثين خارج الوطن إضافة إلى عشرات الإدارات التعليمية في المناطق والمحافظات، كل هذه الفروع تحتاج لهيكلة وتنظيم ثم تطوير لتتجاوز الأداء الروتيني المعتاد. أيضا هناك بعض الوكالات في الوزارة ما زالت شاغرة، وحوالي عشر جامعات بدون مديرين رسميين إذ إن أغلب القائمين عليها مكلفون، وتقريبا ثلاثون مدير تعليم مكلف. يرافق هذه الإشكالات تأخر البت في موضوع منح الإيفاد الداخلي لطلاب وطالبات الجامعات والكليات الأهلية وهي منح يعول عليها الطلاب والطالبات لمقابلة الرسوم الدراسية كي تساعدهم على مواصلة الدراسة دون توقف، فكثير منهم لا تسمح ظروفهم المادية بتوفير المال، وقد لا تسمح معدلاتهم بمواصلة الدراسة في كليات الجامعات الحكومية.
يضاف إلى ما تقدم القرارات التي تصدرها الوزارة بشأن فتح مسارات في مدارس التعليم العام مثل فصول تحفيظ القرآن وفصول الموهوبين والموهوبات، وهي إن كانت قرارات مدروسة من قبل خبراء متخصصين وتلبي احتياجات قائمة فأمر جيد، أما إن لم تكن كذلك فقد لا تحقق المأمول ما يجعلها عرضة للإلغاء وهو ما يكبد الوزارة الكثير من الخسائر وفي مقدمتها الوقت ثم المال ثم تجاهل أولويات لها الأهمية البالغة مثل القيادة التربوية والمعلم والمنهج والبيئة المدرسية بمحتوياتها البشرية والمادية.
الوزارة حاليا ولتنفيذ ما يؤدي لتطويركل العناصر بحاجة لخبراء في كل مجالات التعليم يقدمون عصارة خبراتهم للارتقاء بتعليمنا للمستوى الذي نتمناه جميعا. وهنا أتساءل أين ذهب خبراء التعليم من أبناء هذا البلد الذين أمضوا أعمارهم في ميادين التربية والتعليم ثم اختفوا بعد أن تقاعدوا؟ أعرف كثيرين مديرين وأساتذة جامعات ووكلاء وزارات ومديري تعليم ومشرفين ومعلمين متخصصين في مجالات كثيرة في الإدارة والإشراف والمناهج وفي الفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلوم الحاسب وغيرها ودعوا المجال وجلسوا في بيوتهم أو انشغلوا بأعمالهم الخاصة لماذا لا تبادر الوزارة بالاستفادة منهم في عملية التطوير التي تنوي الوزارة إن صحت الأخبار القيام بها وذلك بضمهم كأعضاء في اللجان المختلفة ليقدموا عصارة خبراتهم لتطوير تعليم أبنائهم ولا أظن أن أغلبهم وخاصة من تسمح ظروفهم سيترددون في تقديم ما يستطيعونه. أعتقد أنهم سيختصرون للوزارة كثيرا من الوقت ويكفونها مؤنة استقطاب خبراء أجانب ليس لديهم إلمام بنظامنا التعليمي، كما سيفيدون العاملين بالوزارة ومن تنقصهم الخبرة بالكثير. لا ينبغي أن تهدر الوزارة خبرات مثل التي ذكرت بحجج نظامية أو مقولة أن هؤلاء قد تجاوزهم الزمن أو أن الوزارة تسعى لتمكين الشباب رغم نقص الخبرة لديهم!