جاسر عبدالعزيز الجاسر
كثير من التحذيرات والكتابات التي يتداولها المتعاطفون مع القضايا العربية من عرب ومن خبراء دوليين يحذرون من تبعات الاتفاق النووي الذي عقدته إيران مع الدول الست.. جل تلك التحذيرات تنصب على ترك النظام الإيراني يمارس العبث الأمني في المنطقة؛ وكأن من يحذرون ومن يتعاطف مع القضايا العربية يطلب من هذه الدول الست التي عقدت الاتفاق النووي مع النظام الإيراني أن تتجاهل مصالحها من أجل الدفاع عن المصالح العربية التي يفترض أن تجد دفاعاً وحرصاً من دولها، وأن لا تنتظر من الآخرين أن يدافعوا عنها.
آخر من يحذر من الاتفاق النووي الغربي الإيراني مجلس العلاقات العربية الدولية «كانتر» إذ ينبه من الأجندة الخفية والجانب الآخر من الاتفاق النووي الإيراني الغربي على الأمة، مؤكداً في بيان له أصدره أخيراً، أن الغرب اتفق مع إيران على جانب واحد بينهما، وهو الجانب النووي ولم يتفق معها على منعها من العبث بالأمن الخليجي والعربي ولم يحدد آلية يمنعها من ممارسة الإرهاب بكافة أشكاله ضد أمن واستقرار الشعب العربي ووحدة مذاهبه وطوائفه، وهو ما نفسره بأنه ضوء أخضر غربي ومكافأة غربية لإيران لتوقيعها هذا الاتفاق النووي.
تأكيد مجلس العلاقات العربية الدولية وتحذيره صحيح، وهو ما نراه يمارس على أرض الواقع، فنظام ملالي إيران يتصرف وكأنه حصل على تفويض غربي بالتصرف بأمن واستقرار المنطقة العربية.
أخذ مسؤولو النظام وعملاؤه وبالذات في الدول المجاورة لإيران كالعراق ودول الخليج العربية وسوريا ولبنان واليمن يرتكبون تجاوزات تخرق سيادة وأمن تلك الدول، فبالإضافة إلى العراق الذي كشف نظام ملالي إيران عن عرقلته للإصلاحات التي يقوم بها رئيس الحكومة والبرلمان العراقي استجابة لمطالب الشعب العراقي وتأييد مراجعه الدينية، وإلى دول الخليج يرسل الأسلحة والمتفجرات للجماعات الإرهابية لتدمير استقرار وأمن دول الخليج العربية وفق مخطط وأجندة موضوعة سلفاً للضغط على هذه الدول حتى توافق على ما يضعه من سيناريوهات للمنطقة.. وهو ما يتطلب من هذه الدول أن تعلن بوضوح وبكل شفافية مواجهة هذه المخططات الإيرانية وليس الإعلان عن تأييدها لما يطرح من اقتراحات مثل إجراء تفاهمات أو حوار مع نظام أثبت بأنه نظام معادٍ للعرب جميعاً ولأهل الخليج العربي خاصة. ولهذا فإن المطلوب من دول الخليج العربية أن تواجه هذا النظام بشجاعة وبواقعية للدفاع عن شعبها ومكتسباتها التنموية والاجتماعية؛ وأن أبسط ما يمكن أن تقوم به هو التكاتف والتماسك والعمل سوياً بجميع دول الخليج بصدق دون خوف أو رهبة، خاصة وأن لدى دول الخليج العربية تجربة حية لاتزال تحقق نتائج إيجابية تتمثل في عملية الحزم التي يواجهها أهل الخليج العربي مع النظام الإيراني في اليمن وأفشل مخططاته التي أنهارت تماماً وفي طريقها للزوال.