رقية الهويريني
في عام 2007م قرر مجلس الوزراء السعودي إيقاف شراء القمح المنتج محلياً بشكل تدريجي في مدة أقصاها ثمان سنوات بمعدل سنوي 12,5% وذلك بهدف ترشيد استهلاك المياه وتنظيم استخدامها في المجالات الزراعية لجميع المدن والقرى والهجر. وتبعاً لذلك فإن محصول القمح لعام 2015م سيكون آخر محصول سيتم شراؤه من قبل المؤسسة العامة لصوامع الغلال!
ومنذ عام 2009م وبلادنا تعاني من موجات متتابعة من الغبار بسبب هذا القرار الاستراتيجي الذي أصدره المقام السامي كأحد الحلول لعلاج ندرة المياه وشحها، إلا أنه ليس أفضلها.
ولو تقصينا عن مسببات أخرى لنضوب المياه لدينا لوجدنا أن هناك قنواتٍ أخرى تستهلك المياه غير الزراعة والغطاء النباتي، فشركات صناعة منتجات الألبان تساهم بطريقة مباشرة في ذلك، حيث تم إجراء دراسة أكاديمية في فلسطين من قبل طالب الماجستير وليد عرسان الذي طبق الحسابات اللازمة لاحتياجات الأبقار الحلابة من المياه تبين أن البقرة تنتج 25 ليتراً من الحليب كأقصى حد، بينما تستهلك 71 ليتر ماءٍ يومياً للشرب فقط! وبحساب ما تستهلكه الأعلاف من المياه فقد كانت الكميات17ليتراً يومياً لكل بقرة، بما يعني أن البقرة تستهلك 88 ليتراً من المياه المهدرة عدا عن تنظيفها، وتزيد عنها الإبل في ذلك. والمزعج في الأمر هو وفرة انتاج الألبان وتصديرها للخارج برغم الفاقد المائي!
ولعله من المجدي إيجاد حلول أخرى غير إيقاف الدعم لزراعة القمح مثل إنشاء المزيد من السدود لحفظ مياه الأمطار لاسيما في المناطق التي يستمر سقوط الأمطار عليها أغلب أيام السنة، فضلاً عن الاستعانة بتحلية المياه بالطاقة الشمسية وتشجيع الزراعة لزيادة الغطاء النباتي الذي سيساهم في القضاء على الغبار أو الحد منه والذي صار حالة يومية وليست استثنائية. وتشهد بلادنا حالة تصحر شديدة تنذر بخطر كبير لما يخلقه من أجواء ملائمة لإثارة الرياح المحملة بالأتربة وما يؤدي استنشاقها من تزايد معدلات الأمراض الصدرية.
ولأن العلاقة قوية بين المناخ وطبيعة الحياة النباتية فإن التصحر يساهم في تغير المناخ من خلال عكس سطح الأرض للضوء والحرارة، وزيادة ثاني أكسيد الكربون. ووقف الزراعة يحدث تغيرات في المناخ، ومن ثم يتعرض التوازن البيئي للاختلال. كما أن فقر الغطاء النباتي يقلل من التبخر، وبالتالي يقلل من هطول الأمطار، ويعرض التربة للانجراف ويقلل من خصوبتها.
إننا بحاجة لخطة استراتيجية بيئية وصحية لمعالجة سلبيات وقف زراعة القمح، وعلاج تزايد الغبار والتغير المناخي.