تركي إبراهيم الماضي
لا أحد يكره أهله، ولا أن يكره نفسه. لكن بيننا من يتلذّذ بجلد ذاته، وجلد مجتمعه. لا أفهم لماذا يحدث ذلك؟
إذا كان توصيف الحالة بالمرض النفسي، فنحن لا نتحدث عن حالة واحدة، بل عدد لا يستهان به، يقر هذا الفعل، عبر ترديده وتداوله من باب السخرية!
تتبعت النكت والتعليقات الساخرة في شبكات التواصل الاجتماعية، التي تسقط على شخصية السعودي أو السعودية، وتضعها في قالب بشع، طلباً للضحك ولا سواه!
توصيفات مثل «أبوسروال وفنيلة» و» أم ركبة سوداء» تسخر من ثقافتها المحلية، ثم تسخر مما خلقه الله. هل سنكون أفضل حالاً لو لبس رجالنا جينزاً عصرياً، أو كانت ركب نسائنا بيضاء أو صفراء؟
النكتة تكون مفهومة من شعب ضد آخر، أو من سكان مدينة ضد أخرى داخل الدولة الواحدة، لكن غير المفهوم كيف يسخر شعب من نفسه؟ كيف يضخم أخطاءه؟ رغم أن هذه الأخطاء تحدث في أي مكان. وهذا لا يعني تبريراً للخطأ، بل لعدم تهويله وإسقاطه كاملاً على المجتمع، واعتباره أس المشكلة، ولا إصلاح يرجى فيه. وهذا ما نشاهده في تناول المشاكل اليومية التي تحدث في المجتمع، حيث تتداول مقاطع الفيديو أو الصور في شبكات التواصل الاجتماعية، ويرمى الخطأ دائماً على السعودي لأنه سعودي لا أنه شخص مخطئ فقط، دون إسقاط على ثقافة المجتمع، وهو ما أراه يرمينا خارج الدائرة الإنسانية، لأنه يجعل من السعودي صاحب الخطأ في كل حادثة قبل التأكد من صحتها أو المتهم الحقيقي فيها!
وعندما أقول «الدائرة الإنسانية» ، فإنني أعني بها أن البشر من حيث تكوينهم، يتشابهون في السلوك العام، وتختلف درجات انضباط هذا السلوك من مكان لآخر، بحسب الضابط الذي قد يكون دينياً أو ثقافياً أو قانوناً عاماً ينظّم هذا السلوك!
أعود إلى المربع الأول، أي إلى السعودي/ السعودية، فأقول إننا شعب طبيعي مثل أي شعب آخر، بيننا الصادق والكاذب، ونخطئ (وخير الخطّّائين التوابون)، وبيننا من يتصدّق بماله كله، وأيضاً من يسرق قوت الفقراء. وهذا يحدث في كل مكان بالعالم، فلماذا السعودي هو من يبرز خطأه ويضخمه ويسقطه على المجتمع كاملاً، رغم أنه {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}؟