إبراهيم بن سعد الماجد
أثبت الشاب السعودي أنه متميز في أكثر من مجال، هذا التميّز المتنوّع تشاهده في المهندس والطبيب والمفكر والكاتب وغيرهم من الشباب الذين صاروا مضرب المثل ليس في الداخل فحسب ولا في الوطن العربي، وإنما في دول الغرب وجامعاته. أننا عندما نتحدث عن التميز فإننا نتحدث عن إرادة صلبة وتحدٍ كبير يجري في دماء شبابنا،
هذا التحدي وهذه الإرادة الكامنة لديهم ليس شرطاً أن تُتاح للجميع الفرصة أن يفجّرها فيكون تفجيره لها تفجيراً إيجابياً يعود عليه وعلى وطنه وأمته والعالم أجمع بالخير والنماء والازدهار.
فإذا اتفقنا على أن الفرصة ربما لا تُتاح للجميع وهذا من مسلّمات الأمور، فالفرص لا يمكن أن يحصل عليها الجميع، وإلا لما سُميت فرصة، فإننا أمام قضية شبابية في غاية الأهمية والخطورة أيضاً؛ فمن المعروف أن من يمتلك طموحاً، ومن يفور دمه تشرّفاً لمكانة عالية وسمعة مدوّية، لا يمكن إلا أن يحقق ذلك بأي طريقة وبأي شكل من الأشكال، فالمهم عنده أن يسجِّل اسمه في سجل الخالدين.
وهذه إشكالية كبرى في مسيرة شبابنا، بل وفي علاقة الدولة بهذه الشريحة الكبيرة من المجتمع، ففي ظل عدم وجود محاضن متقدمة ومرضية للشباب فإن خطر تحولهم من فئة منتجة إلى فئة مفسدة احتمال وارد، بل شبه مؤكّد.
إنني لا أرى الوعظ ولا مهرجانات الترفيه قادرة على تفكيك الأفكار غير السوية عند هؤلاء الشباب، وإنما الشيء الوحيد الذي أراه قادراً - بإذن الله - على حفظهم وجعلهم رقماً موجباً في حفظ دينهم ووطنهم وبناء حضارة لأمتهم هو احتواءهم من خلال أفكار عملية تشركهم في بناء مستقبلهم وتمنحهم الفرصة في أن يسمعوا صوتهم لمؤسسات الدولة المعنية بالتنمية.
من الأخطاء الفادحة التي يتوقّع البعض أنها تقضي على مشاكل الشباب، وبخاصة مشاكله الكبرى كالتطرف والانضمام إلى الفئات الضالة، زيادة جرعات الترفيه! وهذا خطأ فادح ورأي عقيم، فما كان الترفيه الزائد إلا سبيلاً من سبل التطرف، سواء ذات اليمين أو ذات الشمال، وشواهد ذلك أكثر من أن تُحصى، ليس في مجتمعنا فحسب وإنما على مستوى العالم.
إن الدعوة التي أوجهها من خلال هذه المقالة، أن نهب من اليوم دولة ومجتمع في خلق ما يمكن أن يكون حاضناً لشبابنا وشاباتنا تفكيراً وإنتاجاً ومشاركة بناءة، وأن يكون للشباب الدور الأكبر في إدارة مثل هذه المشاريع الفكرية والتنموية، وأن نبتعد عن دور الوصاية ويكون دور الأساتذة التخطيط والإشراف والمتابعة.
إن الوقت وقت العمل المنظّم القائم على عقول صادقة وقلوب واعية كل هدفها سلامة شبابنا وحماية ديننا ووطننا، أما هؤلاء المنتفعون المسترزقون بقضايا الوطن فلا حاجة لنا بهم، فما أنتجت مشاريعهم (الوهمية) إلا الكثير من الإحباط والقليل من الإنتاج.
والله المستعان.