د. عبدالرحمن الشلاش
بدأ العام الدراسي الجديد يوم الأحد الماضي 8-11- 1436 الموافق 23-8-2018 في عزِّ شهر أغسطس المعروف بحرّه الشديد. توجه طلابنا وطالباتنا إلى مدارسهم في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها في الوقت الذي لامست فيه درجات الحرارة على الترمومتر الخمسين درجة مئوية؛ ما يعني أن التوقيت لم يكن ملائماً لبدء الدراسة في أجواء حارة بالغة الصعوبة. تعودنا على بداية الدراسة في بلادنا طيلة الأعوام الماضية في شهر سبتمبر حين تميل الأجواء إلى الاعتدال النسبي وهو التوقيت الذي اعتمدته معظم دول العالم الواقعة في الأقاليم شديدة الحرارة، وشهرا يوليو وأغسطس تكثر فيهما ضربات الشمس، وكان المتوقّع تأجيل الدراسة لتبدأ في الوقت المناسب إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث. حسب علمي فمواعيد انطلاق الدراسة في بعض الدول القريبة منا ثابتة سنوياً وذلك في منتصف شهر سبتمبر، حيث تشهد درجات الحرارة انخفاضاً ملموساً.
مع الرغبة لدى وزارة التعليم في بدء الدراسة في موعدها كان الجميع ينتظرون استعداداً قوياً يوازي هذه الرغبة والحرص على النظام والانضباط وعدم تعويد الطلاب على الكسل، لكن ما ضاعف صعوبة الانطلاقة الاستعداد الضعيف في بعض إدارات التعليم لعل في مقدمتها مشكلات القبول في مراحل كان القبول فيها أبسط من شرب الماء، ولكم أن تتصوّروا عائلة في مدينة الرياض تلهث طوال هذا الأسبوع وحتى لحظة كتابة هذا المقال للحصول على مقعد لابنتهم في الصف الرابع الابتدائي وفي المدرسة المجاورة للمنزل، فالمديرة تبرّر رفضها قبول الطالبة بالازدحام في الفصول، ومركز التعليم ليس له حول ولا قوة، إذ يحاولون الاتصال على المديرة التي لا ترد نهائياً، وإدارة التعليم بعيدة عن المشهد دون أن تتدخل لإيجاد حلول عاجلة مثل فتح فصول جديدة أو توجيه الطالبات لمدارس قريبة، وقد رأيت بنفسي عشرات الأمهات يراجعن مركز التعليم ويخرجن مع الباب بوعود أشبه ما تكون بالمستحيلة وسط رفض بعض مديرات المدارس واللاتي تصورن في لحظة أن تلك المدارس ملكهن وليست مدارس أنشأتها الدولة - أيَّدها الله- لتمكين أبناءها وبناتها من مواصله التعليم، وهو حق كفلته الدولة للجميع. مديرة المدرسة غاب عنها الجانب الإنساني فلم تكترث لبقاء الطالبة كل هذا الوقت في المنزل ولو كانت ابنتها لأقامت الدنيا ولم تقعدها!
برزت أيضاً مشكلات التكييف في هذه الأجواء الحارة الخانقة وخصوصاً في بعض المدارس البعيدة وتراوحت بين سوئه أو ضعفه أو انعدامه لوجود مكيفات كثيرة لا تعمل، وعند هذه الإشكالية يحق لنا أن نتساءل عن دور فرق الصيانة في المناطق التعليمية، وماذا كانت تعمل طوال فترة الإجازة، وخصوصاً أن المدارس لم تفتح أبوابها إلا قبل أسبوع واحد من بدء الدراسة فهل يستطيع الطلاب مثلاً البقاء في الفصول دون تكييف؟
حر شديد مع استعداد ضعيف من مظاهره نقص في الكتب المدرسية، وعجز في أعداد المعلمين والمعلمات، فقد بقيت فصول بلا معلمين وكذلك معلمات! الوضع يحتاج لمعالجة سريعة لتفادي ضعف الاستعداد، وتثبيت الدراسة سنوياً في منتصف سبتمبر كي لا يبدأ عامنا الدراسي في عز الحر!