د. أحمد الفراج
ما زال الرئيس أوباما يصر على أنه سينجح في تمرير الاتفاق النووي من خلال الكونجرس، وبالتالي يتحقق حلمه، والذي عمل عليه ولأجله منذ سنوات، أي « زرع « شجرة السلام في الشرق الأوسط، حسب زعمه، وكذلك دخول التاريخ، كأول رئيس أمريكي يكسر الجمود بين واشنطن وطهران، منذ أكثر من أربعة عقود، ولكن كل الدلائل تشير إلى أن هذا لن يكون يسيرا، ولو تحقق، فإنه سيحصل بصعوبة بالغة، وتدور حاليا معركة شرسة، بين إدارة أوباما والكونجرس، فأعضاء الكونجرس الديمقراطيون، والذين يفترض أن يصوتوا لصالح الاتفاق النووي، من باب الولاء الحزبي لرئيسهم، يواجهون ضغوطا من منظمة ايباك، وبالتالي فهم مشتتون بين الولاء الحزبي، وبين الحرص على عدم إغضاب ايباك، فأي سياسي أمريكي يعلم أنه إذا غضبت عليه ايباك، فإن مستقبله السياسي في مهب الريح، وهذه لعمري معظلة كبيرة.
لقد أعلنت مجموعة من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين أنهم سيصوتون ضد الاتفاق النووي، وكان هذا مقلقا لإدارة أوباما، ولكن الصاعقة الحقيقة على هامة أوباما كانت إعلان السيناتور عن ولاية نيويورك، تشارلز شومر، أنه سيصوت ضد الاتفاق، والسيد شومر ليس أي أحد، فهو عضو بارز في مجلس الشيوخ، وله كلمة مسموعة، وقائد حزبي كبير، كما أنه يمثل ولاية نيويورك، وهي من أهم الولايات الأمريكية، إن لم تكن أهمها، كما أنها المعقل الرئيسي لليهود الأمريكيين، أو بالأصح، يهود العالم أجمع، والسيناتور شومر، ذاته، يهودي، ولم يكن إعلان شومر سهلا على أوباما، فشومر بالتأكيد يمثل رأي الحكومة الإسرائيلية، وبالتحديد رؤية نتنياهو، ويعلم أوباما أن تمرير الاتفاق لن يكون سهلا، طالما إسرائيل وايباك تعارضانه، ولكنه يستميت هذه الأيام، ولن ييأس أبدا، لأنه أمضى معظم فترته الرئاسية في العمل على هذا الإنجاز!.
حسنا، ما سيحدث هو التالي : سيصوت الكونجرس على الاتفاق النووي، فإن صوتت الأغلبية ضده، فلن يتعطل الاتفاق، بل سيستخدم الرئيس أوباما « الفيتو «، وهذا يعني أن يعود الاتفاق إلى الكونجرس مرة ثانية للتصويت، فإن صوت الثلثان، وليس الأغلبية فقط، من أعضاء الكونجرس ضده، فسيتعطل الاتفاق رسميا، ولن يقر، أما إن كان المعارضون للاتفاق أقل من الثلثين، فإن الاتفاق سيمضي، وبالتالي ينتصر أوباما، ويتحقق حلمه، ورغم أن بعض أعضاء الكونجرس الديمقراطيين من حلفاء أوباما متفائلون بأن الاتفاق سيمر في نهاية المطاف، إلا أنني أرى أنها ستكون معركة كسر عظم كبرى، بين أوباما والكونجرس ظاهريا، وبين أوباما ونتنياهو من تحت الطاولة، فقد لا يخسر أوباما، ولكنه يحتاج لعمل طويل وشاق، وإلى مناورات ومحادثات، حتى يتمكن من تمرير الاتفاق، وتحقيق حلمه الكبير، فراقبوا المشهد جيدا!.