أ. د.عثمان بن صالح العامر
يتربع الإرهاب على رأس الإشكاليات التي يعاني منها المجتمع السعودي، بل المجتمع العالمي بأسره، وإن اختلف المسمى وتعددت آلياته وتنوعت التهديدات من بلد لآخر، يلي الإرهاب - في نظري - المخدرات والمسكرات، وثالث المشاكل التي نعاني منها اليوم البطالة والعطالة، ثم الطلاق والعنصريات والنعرات القبلية والتعصب الطائفي والحوادث المرورية والعنوسة و....، طبعا هذا مجرد رأي شخصي، وكما كنت أتمنى أن تُدرس هذه الإشكاليات المجتمعية ويكون لها سلمٌ يحدد درجة خطورة كل منها ومدى انتشارها وسرعة سريانها في جسدنا الوطني، حتى يتسنى للباحث المهتم والمصلح الفاعل الحصول على أرقام حقيقية وصحيحة عن كل ظاهرة من هذه المشاكل المؤذية، ومن ثم وصف العلاج الناجع، والعمل الجاد على اجتثاثها من جذورها إن استطاع، أو على الأقل تقليل مساحة خطورتها وإضعاف أثرها السلبي في نسيجنا الاجتماعي.
الطلاق من أخطر المشاكل اليوم وأكثرها تسارعاً واتساعاً في جميع مناطق المملكة وأعظمها أثراً على المستوى الفردي والمجتمعي، ولعل من بين الأسباب العديدة بل على رأسها وأكثرها حضوراً - في نظري - غياب الشعور بالمسئولية من قبل ركني الأسرة الزوج والزوجة، وتتحمل مؤسسات التنشئة الاجتماعية جريرة هذه النتيجة، خاصة البيت والمدرسة، فالأم تخلت عن دورها في تنشئة بناتها ليكنّ زوجات المستقبل، والأب لم يربِّ ولده ليكون زوج الغد، والتعليم هو كذلك لم يقرر من المناهج ما يُعِد الطرفين لبناء عش الزوجية الآمن.
السؤال الذي يفرض نفسه في هذا المقام.. ترى هل في المناهج التي تتلقاها البنات ويدرسها الولد ما يؤهلهما ليكونا زوجين مثاليين؟ ليس هذا فحسب، بل هل مدارسنا النظامية تربي الفتاة لتجعل منها أماً تقوم بواجبها في بيتها نحو زوجها وولدها كما شرع الإسلام بعد أن تلتحق بمنظومة المتزوجين ؟.. هل تغرس مقرراتنا الدراسية لدى الشاب الذي منحه الإسلام القوامة الأسرية الشعور بالمسئولية الكاملة عن هذا الكيان المهم والركن الشديد في بنائنا المجتمعي؟.
إنني أهيب بمعالي وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل أن يلتفت لمثل هذه المشاكل التي يرزح تحت وطأتها مجتمعنا السعودي، ويسند مهمة دراسة هذه الأدواء لفريق مختص يرتبها وينظر في إمكانية علاجها، ويرسم الإستراتيجية المستقبلية لاحتوائها وتفادي وقوعها في المستقبل، ومثال بسيط يدلل على عدم اكتراث التعليم بدور المرأة المستقبلي الذي هو الأساس والأهم في حياة الأنثى عبر التاريخ.. ما المقرر الذي يعد الفتاة لتكون أماً؟ وأين المعامل المخصصة لفن الطبخ في مدارس المرحلة الثانوية بل حتى الجامعية؟ وإلى متى والأسر الجديدة تأكل من المطاعم ودكاكين الوجبات السريعة ؟.
هذا مثل واحد، وقد يكون عدم مقدرة البنت على الوفاء بمتطلبات الزوج اليومية سبباً جوهرياً من أسباب كثرة إيقاع الطلاق، أو على الأقل عدم التوافق بين الزوجين وإن بقيا تحت سقف واحد وظلا أباً وأماً لطفل أو طفلة.
إن من المعيب اعتقاد الشاب أن بالإمكان الجمع بين حياة العزوبة المنفلتة من كل قيد، والتمتع بالعش الزوجي الدافئ بلا مسئوليات وتبعات، وكذا الحال مع الفتاة بل هو أشد وأنكى، ولذا كان لزاماً على التعليم الالتفات إلى الواقع المحلي ومحاولة المشاركة الفعلية لجعل حياتنا المعيشة أفضل مما هي عليه اليوم، وتقليل الفجوة بين التنظير والممارسة، والتركيز على تنمية المهارة في جوانب الحياة المختلفة بعيداً عن الحشو والتكرار للمعارف والمعلومات بلا فائدة تُجنى للمتلقي، وتنعكس على تعامله مع حوادث الأيام ومؤسسات الحياة المختلفة وعلى رأسها الأسرة، إذ من المجزوم به أن الأسر المطمئنة غالباً ما تولد تباعاً مجتمعاً آمناً ومسالماً ينزع للإنجاز ويبتعد ما استطاع عن مواطن الفساد والإفساد، حفظ الله كياناتنا الأسرية وحرس أبناءنا وبناتنا عمّا يسوء، ووفق وزير التعليم لكل ما من شأنه أمن واستقرار وطننا المعطاء، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.